Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 102-103)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمَا وَجَدْنَا لاِكْثَرِهِم } أي أكثرِ الأممِ المذكورين ، واللامُ متعلقةٌ بالوُجدان كما في قولك : ما وجدتُ له مالاً أي ما صادفت له مالاً ولا لقِيته ، أو بمحذوف وقع حالاً من قوله تعالى : { مَّنْ عَـهْدٍ } لأنه في الأصل صفةٌ للنكرة فلما قُدّمت عليها انتصبت حالاً ، والأصلُ ما وجدنا عهداً كائناً لأكثرهم ومِنْ وفاء عهدٍ فإنهم نقضوا ما عاهدوا الله عليه عند مساسِ البأساء والضراءِ قائلين : لئن أنجيتنا من هذه لنكونَنّ من الشاكرين ، فتخصيصُ هذا الشأنِ بأكثرهم ليس لأن بعضَهم كانوا يوفون بعهودهم بل لأن بعضَهم كانوا لا يعهدون ولا يوفون ، وقيل : المرادُ بالعهد ما عهِد الله تعالى إليهم من الإيمان والتقوىٰ بنصب الآياتِ وإنزالِ الحُجج ، وقيل : ما عهِدوا عند خطابِ { أَلَسْتُ بِرَبّكُمْ } [ الأعراف : 172 ] فالمرادُ بأكثرهم كلُّهم ، وقيل : الضميرُ للناس والجملةُ اعتراضٌ فإن أكثرَهم لا يوفون بالعهد بأي معنى كان { وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ } أي أكثرُ الأمم أي علِمناهم كما في قولك : وجدتُ زيداً ذا حِفاظ وقيل : الأول أيضاً كذلك ، وإن مخففةٌ من إنّ وضميرُ الشأن محذوفٌ أي إن الشأنَ وجدناهم { لَفَـٰسِقِينَ } خارجين عن الطاعة ناقضين للعهود ، وعند الكوفيـين أنّ إنْ نافيةٌ واللامُ بمعنى إلا أي ما وجدناهم إلا فاسقين . { ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَىٰ } أي أرسلناه من بعد انقضاء وقائعِ الرسل المذكورين أو من بعد هلاكِ الأممِ المحكيةِ ، والتصريحُ بذلك مع دِلالة ( ثم ) على التراخي للإيذان بأن بعثه عليه الصلاة والسلام جرى على سَنن السُنةِ الإلٰهية من إرسال الرسلِ تترى ، وتقديمُ الجارِّ والمجرور على المفعول الصريحِ لما مر مراراً من الاعتناء بالمقدم والتشويقِ إلى المؤخر { بِـئَايَـٰتِنَا } متعلقٌ بمحذوف وقع حالاً من مفعول بعثنا ، أو صفةٌ لمصدره أي بعثناه عليه الصلاة والسلام ملتبساً بآياتنا أو بعثناه بَعْثاً ملتبساً بها ، وهي الآياتُ التِسعُ المُفَصَّلاتُ التي هي : العصا ، واليدُ البـيضاء ، والسِّنونَ ، ونقصُ الثمرات ، والطُّوفانُ ، والجرادُ ، والقُمّلُ ، والضفادِعُ ، والدم ، حسبما سيأتي على التفصيل { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ } هو لقبٌ لكل من ملَك مِصْرَ من العمالقة كما أن كِسرى لقبٌ لكل من ملك فارسَ ، وقيصرَ لكل مَنْ ملك الروم واسمُه قابوسُ ، وقيل : الوليدُ بنُ مصعبِ بن الريان { وَمَلَئِهِ } أي أشرافِ قومِه ، وتخصيصُهم بالذكر مع عموم رسالتِه عليه الصلاة والسلام لقومه كافةً حيث كانوا جميعاً مأمورين بعبادة ربِّ العالمين عزَّ سلطانُه ، وتركِ العظيمةِ الشنعاءِ التي كان يدّعيها الطاغيةُ وتقبلها منه فئتُه الباغية لأصالتهم في تدبـير الأمور واتباعِ غيرِهم لهم في الورود والصدور { فَظَلَمُواْ بِهَا } أي كفروا بها ، أُجري الظلمُ مُجرى الكفرِ لكونهما من واد واحدٍ ، أو ضُمّن معنى الكفرِ أو التكذيبِ أي ظلموا كافرين بها أو مكذِّبـين بها ، أو كفروا بها مكان الإيمانِ الذي هو من حقها لوضوحها ولهذا المعنى وُضع ظلَموا موضِعَ كفروا وقيل : ظلموا أنفسَهم بسببها بأن عرّضوها للعذاب الخالد ، أو ظلموا الناسَ بصدهم عن الإيمان بها ، والمرادُ به الاستمرارُ على الكفر بها إلى أن لقُوا من العذاب ما لقُوا ، ألا يُرى إلى قوله تعالى : { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ } فكما أن ظلمهم بها مستتبعٌ لتلك العاقبةِ الهائلةِ كذلك حكايةُ ظلمِهم بها مستتبعٌ للأمر بالنظر إليها ، وكيف خبرُ كان قُدّم على اسمها لاقتضائه الصدارةَ والجملةُ في حيز النصب بإسقاط الخافضِ أي فانظر بعين عقلِك إلى كيفية ما فعلنا بهم ، ووضعُ المفسدين موضعَ ضميرِهم للإيذان بأن الظلم مستلزِمٌ للإفساد .