Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 30-33)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَرِيقًا هَدَىٰ } بأن وفقهم للإيمان { وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلضَّلَـٰلَةُ } بمقتضى القضاءِ السابقِ التابعِ للمشيئة المبنيةِ على الحِكَم البالغةِ ، وانتصابُه بفعل مُضمرٍ يفسِّره ما بعده أي وخذل فريقاً { إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُوا ٱلشَّيَـٰطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ ٱللَّهِ } تعليلٌ لخِذلانه أو تحقيقٌ لضلالتهم { وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ } فيه دِلالةٌ على أن الكافرَ المُخطِىءَ والمعانِدَ سواءٌ في استحقاق الذمِّ وللفارق أن يحمِلَه على المقصِّر في النظر . { يَـٰبَنِى ءادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ } أي ثيابَكم لمواراة عورتِكم { عِندَ كُلّ مَسْجِدٍ } أي طوافٍ أو صلاةٍ ، ومن السنة أن يأخذ الرجلُ أحسنَ هيئتِه للصلاة وفيه دليل على وجوب سترِ العورة في الصلاة { وَكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ } مما طاب لكم . روي أن بني عامرٍ كانوا في أيام حجِّهم لا يأكلون الطعام إلا قوتاً ولا يأكلون دسماً يعظِّمون بذلك حجهم فهمّ المسلمون بمثله فنزلت { وَلاَ تُسْرِفُواْ } بتحريم الحلالِ أو بالتعدّي إلى الحرام أو بالإفراط في الطعامِ والشّرَه عليه ، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : كُلْ ما شئت والبَسْ ما شئت ما أخطأتْك خصلتانِ : سَرَفٌ ومَخِيلة . وقال علي بن الحسين بن واقد : ( جمع الله الطبَّ في نصف آية ) فقال : { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ } { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ } أي لا يرتضي فعلَهم . { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ } من الثياب وما يُتجمَّل به { ٱلَّتِى أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ } من النبات كالقُطن والكتّان ، والحيوانِ كالحرير والصوفِ ، والمعادن كالدروع { وَالْطَّيِّبَـٰتِ مِنَ ٱلرّزْقِ } أي المستلذاتِ من المآكل والمشارب ، وفيه دليلٌ على أن الأصل في المطاعم والملابس وأنواعِ التجمُّلات الإباحةُ ، لأن الاستفهامَ في مَنْ إنكاريٌّ { قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } بالأصالة ، والكفرةُ وإن شاركوهم فيها فبِالتَّبع { خَالِصَةً يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } لا يشاركهم فيها غيرُهم وانتصابُه على الحالية ، وقرىء بالرفع على أنه خبرٌ بعد خبر { كَذَلِكَ نُفَصِلُ ٱلآيَـٰتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } أي مثلَ هذا التفصيلِ نفصِّلُ سائرَ الأحكامِ لقوم يعلمون ما في تضاعيفها من المعاني الرائقة . { قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبّيَ ٱلْفَوٰحِشَ } أي ما تفاحش قبحُه من الذنوب ، وقيل : ما يتعلق منها بالفروج { مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ } بدلٌ من الفواحش أي جهرَها وسرَّها { وَٱلإِثْمَ } أي ما يوجب الإثمَ وهو تعميمٌ بعد تخصيص ، وقيل : هو شربُ الخمر { وَٱلْبَغْيَ } أي الظلم أو الكِبْر أُفرد بالذكر للمبالغة في الزجر عنه { بِغَيْرِ ٱلْحَقّ } متعلق بالبغي مؤكدٌ له معنى { وَأَن تُشْرِكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزّلْ بِهِ سُلْطَـٰناً } تهكّمٌ بالمشركين وتنبـيهٌ على تحريم اتباعِ ما لا يدل عليه برهان { وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } بالإلحاد في صفاته والافتراء عليه كقولهم : { وَٱللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا } [ الأعراف ، الآية 28 ] وتوجيهُ التحريم إلى قولهم عليه تعالى ما لا يعلمون وقوعَه لا ما يعلمون عدمَ وقوعِه قد مر سرُّه .