Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 70, Ayat: 1-4)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

مكية وآيُها أربع وأربعون { سَأَلَ سَائِلٌ } أي دَعَا داعٍ { بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } أي استدعاهُ وطلبَهُ وهُو النَّضرُ بنُ الحارثِ حيثُ قالَ إنكاراً واستهزاءً : { إنْ كانَ هَذا هُو الحقَّ من عندِكَ فأمطرْ علينا حجارةً من السماءِ أو ائتنا بعذابٍ أليمٍ } [ الأنفال ، الآية 32 ] ، وقيلَ أبُو جهلٍ حيثُ قالَ أسقطْ علينا كسفاً من السماءِ ، وقيلَ هو الحارثُ بنِ النعمانِ الفهريُّ وذلكَ أنَّه لما بلغَهُ قولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في عليَ رضيَ الله عنهُ " من كنتُ مولاهُ فعليٌّ مولاهُ " قالَ اللهمَّ إنْ كانَ ما يقولُ محمدٌ حقاً فأمطرْ علينا حجارةً من السماءِ ، فما لبثَ حَتَّى رماهُ الله تعالَى بحجرٍ فوقعَ على دماغِهِ فخرجَ من أسفلِهِ فهلكَ من ساعتِهِ ، وقيلَ هُو الرسولُ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ استعجلَ عذابَهُمْ . وقُرِىءَ سَأَلَ ، وهو إمَّا من السؤالِ على لُغةِ قُريشٍ فالمَعْنَى ما مرَّ أو من السَّيلانِ ، ويؤيدُهُ أنَّهُ قُرِىءَ سالَ سيلٌ أي اندفعَ وادٍ بعذابٍ واقعٍ . وصيغةُ الماضِي للدلالةِ على تحققِ وقوعِهِ إمَّا في الدُّنيا وهو عذابُ بومِ بدرٍ فإنَّ النضرَ قُتِلَ يومئذٍ صَبْراً ، وقد مرَّ حالُ الفهريِّ ، وإمَّا في الآخرةِ فهو عذابُ النارِ والله أعلمُ . { لِلْكَـٰفِرِينَ } صفةٌ أُخرى لعذابٍ أي كائنٍ للكافرينَ ، أو صلةٌ لواقعٍ ، أو متعلقٌ بسألَ أي دَعَا للكافرينَ بعذابٍ واقعٍ . وقولُهُ تعالَى : { لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ } صفةٌ أُخرى لعذابٍ ، أو حالٌ منهُ لتخصصِهِ بالصفةِ أو بالعملِ أو من الضميرِ في للكافرينَ على تقديرِ كونِهِ صفةً لعذابٍ أو استئنافٌ { مِنَ ٱللَّهِ } متعلقٌ بواقعٍ أو بدافعٌ أي ليسَ له دافعٌ من جهتِهِ تعالَى : { ذِي ٱلْمَعَارِجِ } ذِي المصاعدِ التي يصعدُ فيها الملائكةُ بالأوامرِ والنَّواهِي أو هي عبارةٌ عن السمواتِ المترتبةِ بعضِهَا فوقَ بعضٍ { تَعْرُجُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ وَٱلرُّوحُ } أي جبريلُ عليهِ السَّلامُ ، أفردَ بالذكرِ لتميزِهِ وفضلِهِ وقيلَ الروحُ خلقٌ هم حفظة على الملائكةِ كما أنَّ الملائكةَ حفظةٌ على الناسِ . { إِلَيْهِ } إلى عرشِهِ تعالَى وإلى حيثُ تهبطُ منهُ أوامرُهُ تعالَى وقيلَ هو من قبـيلِ قولِ إبراهيمَ عليهِ السَّلامُ : { إِنّى ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبّى } [ سورة الصافات ، الآية 99 ] أي إلى حيثُ أمرنِي بهِ . { فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } مما يعدُّه الناسُ وهو بـيانٌ لغايةِ ارتفاعِ تلكَ المعارجِ وبُعدِ مَداها على منهاجِ التمثيلِ والتخيـيلِ ، والمَعْنَى أنَّها من الارتفاعِ بحيثُ لو قُدِّرَ قطعُها في زمانٍ لكانَ ذلكَ الزمانُ مقدارَ خمسينَ ألفَ سنةٍ من سِنِي الدُّنيا ، وقيلَ معناهُ تعرُجُ الملائكةُ والروحُ إلى عرشِهِ تعالَى في يومٍ كان مقدارُهُ كمقدارِ خمسينَ ألفَ سنةٍ أي يقطعونَ في يومٍ ما يقطعُهُ الإنسانُ في خمسينَ ألفَ سنةٍ لو فُرضَ ذلكَ ، وقيلَ في يومٍ متعلقٌ بواقعٍ ، وقيل بسال على تقديرِ كونِهِ من السَّيلانِ ، فالمرادُ به يومُ القيامةِ ، واستطالتُهُ إمَّا لأنَّه كذلكَ في الحقيقةِ أو لشدتِهِ على الكفارِ أوْ لكثرةِ ما فيهِ من الحالاتِ والمحاسباتِ ، وأيَّاً ما كانَ فذلكَ في حقِّ الكافرِ وأمَّا في حقِّ المؤمنِ فلاَ ، لِمَا رَوَى أبو سعيدٍ الخدريُّ رضيَ الله عنهُ أنَّه قيلَ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم ما أطولَ هذا اليومَ ، فقالَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ : " والذي نفسِي بـيدِهِ أنَّهُ ليخِفُّ على المؤمنِ حتى إنَّهُ يكونُ أخفَّ من صلاةٍ مكتوبةٍ يُصلِّيها في الدُّنيا " .