Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 10-10)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ } كلامٌ مستأنفٌ سيق لبـيان أن الأسبابَ الظاهرةَ بمعزل من التأثير وإنما التأثيُر مختصٌّ به عز وجل ليثق المؤمنون ولا يقنَطوا من النصر عند فُقدانِ أسبابِه ، والجعلُ متعدٍّ إلى مفعول واحد هو الضميرُ العائد إلى مصدر فعلٍ مقدرٍ يقتضيه المقامُ اقتضاءً ظاهراً مُغنياً عن التصريح به ، كأنه قيل : فأمدكم بهم وما جعل إمدادَكم بهم { إِلاَّ بُشْرَىٰ } وهو استثناءٌ مفرّغٌ من أعم العلل أي وما جعل إمدادَكم بإنزال الملائكة عياناً لشيء من الأشياء إلا للبشرى لكم بأنكم تنصرون { وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ } أي بالإمداد { قُلُوبُكُمْ } وتسكنَ إليه نفوسُكم كما كانت السكينةُ لبني إسرائيلَ كذلك ، فكلاهما مفعولٌ له للجعل ، وقد نُصب الأولُ لاجتماع شرائطِه وبقي الثاني على حاله لفقدانها ، وقيل : للإشارة إلى أصالته في العِلّية وأهميتِه في نفسه كما قيل في قوله تعالى : { وَٱلْخَيْلَ وَٱلْبِغَالَ وَٱلْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً } [ النحل : 8 ] وفي قصر الإمدادِ عليهما إشعارٌ بعدم مباشرةِ الملائكةِ للقتال وإنما كان إمدادُهم بتقويه قلوب المباشرين وتكثيرِ سوادِهم ونحوه كما هو رأيُ بعضِ السلف وقيل : الجعلُ متعدَ إلى اثنين ثانيهما إلا بشرى على أنه استثناءٌ من أعم المفاعيل ، أي وما جعله الله شيئاً من الأشياء إلا بشارةً لكم فاللام في ولتطمئن متعلقةٌ بمحذوف مؤخر تقديره ولتطمئن به قلوبُكم فعَلَ ذلك لا لشيء آخَرَ { وَمَا ٱلنَّصْرُ } أي حقيقةُ النصر على الإطلاق { إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ } أي إلا كائنٌ من عنده عز وجل من غير أن يكون فيه شركةٌ من جهة الأسبابِ والعددِ ، وإنما هي مظاهرُ له بطريق جريانِ السنةِ الإلٰهيةِ { أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ } لا يغالَب في حُكمه ولا يُنازَع في أقضيته { حَكِيمٌ } يفعل كلَّ ما يفعل حسبما تقتضيه الحِكمةُ والمصلحةُ ، والجملةُ تعليلٌ لما قبلها متضمنٌ للإشعار بأن النصرَ الواقعَ على الوجه المذكورِ من مقتَضَيات الحِكَم البالغةِ .