Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 34-36)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَمَا لَهُمْ أَن لا يُعَذّبْهُمُ ٱللَّهُ } بـيانٌ لاستحقاقهم العذابَ بعد بـيانِ أن المانعَ ليس من قِبَلهم ، أي وما لهم مما يمنع تعذيبَهم متى زال ذلك وكيف لا يعذّبون { وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } أي وحالُهم ذلك ، ومِنْ صدّهم عنه إلجاءُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إلى الهجرة وإحصارُهم عام الحديبـية { وَمَا كَانُواْ أَوْلِيَاءهُ } حالٌ من ضمير يصدون مفيدةٌ لكمال قُبحِ ما صنعوا من الصد فإن مباشرتَهم للصد عنه مع عدم استحقاقِهم لولاية أمرِه في غاية القُبح وهو ردٌّ لما كانوا يقولون : نحنُ ولاةُ البـيتِ والحرم فنصد من نشاء ونُدخِل من نشاء { إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاَّ ٱلْمُتَّقُونَ } من الشرك الذين لا يعبُدون فيه غيرَه تعالى { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } أنه لا ولايةَ لهم عليه ، وفيه إشعارٌ بأن منهم من يعلم ذلك ولكنه يعاند ، وقيل : أريد بأكثرهم كلُّهم كما يراد بالقلة العدم { وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ ٱلْبَيْتِ } أي دعاؤهم أو مايسمونه صلاةً أو ما يضعون موضعها { إِلاَّ مُكَاءً } أي صفيراً فُعال من مكا يمكو إذا صفر وقرىء بالقصر كالبُكى { وَتَصْدِيَةً } أي تصفيقاً ، تفعِلةً من الصَّدَى أو من الصدّ على إبدال أحدِ حرفي التضعيف بالياء ، وقرىء صلاتَهم بالنصب على أنه الخبرُ لكان ، ومساقُ الكلام لتقرير استحقاقِهم العذابَ أو عدمِ ولايتِهم للمسجد فإنها لا تليق بمن هذه صلاتُه . رُوي أنهم كانوا يطوفون عراةً الرجالُ والنساء مشبكين بـين أصابعِهم يصفرون فيها ويصفقون وقيل : كانوا يفعلون ذلك إذا أراد النبـي صلى الله عليه وسلم أن يصلي يخلِطون عليه ويُرَون أنهم يصلون أيضاً { فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ } أي القتلَ والأسرَ يوم بدرٍ وقيل : عذابَ الآخرة ، واللامُ يحتمل أن تكون للعهد والمعهودُ ائتنا بعذاب أليم { بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ } اعتقاداً وعملاً . { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوٰلَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } نزلت في المطعِمين يوم بدر ( وكانوا اثنيْ عشَرَ رجلاً من قريش يُطعم واحد منهم كلَّ يوم عشْرَ جُزُرٍ ، أو في أبـي سفيان استأجر ليوم أحُد ألفين سوى من استجاش من العرب وأنفق فيهم أربعين أوقيةً أو في أصحاب العِير فإنه لما أصيب قريش يوم بدر قيل لهم : أعينوا بهذا المالِ على حرب محمد لعلنا ندرك ثأرَنا منه ففعلوا والمرادُ بسبـيل الله دينُه واتباعُ رسوله { فَسَيُنفِقُونَهَا } بتمامها ، ولعل الأول إخبارٌ عن إنفاقهم في تلك الحالِ وهو إنفاقُ يوم بدرٍ ، والثاني إخبارٌ عن إنفاقهم فيما يُستقبل وهو إنفاقُ يوم أحدٍ ، ويحتمل أن يُرادَ بهما واحدٌ على مساق الأول لبـيان الغرضِ من الانفاق ، ومساق الثاني لبـيان عاقبتِه وأنه لم يقع بعد { ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً } ندماً وغماً لفواتها من غير حصول المقصودِ ، جُعل ذاتُها حسرة وهي عاقبةُ إنفاقها مبالغةً { ثُمَّ يُغْلَبُونَ } آخرَ الأمر وإن كان الحربُ بـينهم سجالاً قبل ذلك { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي تموا على الكفر وأصروا عليه { إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ } أي يساقون لا إلى غيرها .