Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 87, Ayat: 1-3)

Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

مكية وآيُها تسع عشرة { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبّكَ ٱلأَعْلَىٰ } أي نزه اسَمُه عزَّ وجلَّ عن الإلحادِ فيه بالتأويلاتِ الزائغةِ وعن إطلاقِه على غيرِه بوجهٍ يُشعرُ بتشاركِهما فيهِ وعن ذكرِه لاَ عَلى وجهِ الإعظامِ والإجلالِ . والأعلى : إمَّا صفةُ للربِّ وهو الأظهرُ أو للاسمِ . وقُرِىءَ سُبحانَ ربِّـيَ الأَعْلَى . وفي الحديثِ " لما نزلتْ فسبح باسمِ ربِّكَ العظيمِ ، قال عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ اجعلُوها في ركوعِكم ، فلمَّا نزلَ سبحِ اسمَ ربِّك الأَعْلَى ، قالَ " اجعلُوها في سُجودِكم " وكانُوا يقولونَ في الركوعِ اللهمَّ لكَ ركعتُ ، وفي السجودِ اللَّهم لكَ سجدتُ . { ٱلَّذِى خَلَقَ فَسَوَّىٰ } صفةٌ أُخرى للربِّ على الوجهِ الأولِ ، ومنصوبٌ على المدحِ ، على الثَّانِي لئلا يلزمَ الفصلُ بـين الموصوفِ والصفةِ بصفةِ غيرِه ، أيْ خلقَ كلَّ شيءٍ فسوَّى خلقَهُ ، بأنْ جعلَ له ما به يتأتَّى كمالُه ويتسنَّى معاشُه ، وقولُه تعالَى : { وَٱلَّذِى قَدَّرَ } إمَّا صفةٌ أُخْرى للربِّ كالموصول الأولِ ، أو معطوفٌ عليهِ وكذا حالُ ما بعدَهُ . قدَّرَ أجناسَ الأشياءِ وأنواعِها وأفرادَها ومقاديرَها وصفاتِها وأفعالَها وآجالَها { فَهَدَىٰ } أيْ فوجَّه كلَّ واحدٍ منَها إلى ما يصدرُ عنْهُ وينبغِي لهُ طبعاً أو اختياراً ، ويسرهُ لما خُلقَ له بخلقِ الميولِ والإلهاماتِ ونصبُ الدلائلِ وإنزالِ الآياتِ ولو تتبعتَ أحوالَ النباتاتِ والحيواناتِ لرأيتَ في كلَ منَها ما تحارُ فيه العقولُ . يُروى أنَّ الأفعَى إذَا بلغتْ ألفَ سنةٍ عميتْ وقدْ ألهمَها الله تعالَى أنْ تمسحَ عينَها بورقِ الرازيانجِ الغضِّ ، يُردُّ إليها بصرُها ، فربَّما كانتْ عندَ عُروضِ العَمَى لها في بريةٍ بـينَها وبـين الريفِ مسافةٌ طويلةٌ فتطويها حتى تهجمَ في بعضِ البساتينِ على شجرة الرازيانجِ لا تُخطئها فتحكَّ عينَها بورَقِها ، وترجعَ باصرةً بإذنِ الله عزَّ وجلَّ . ويُروى أنَّ التمساحَ لا يكونُ له دُبرٌ وإنَّما يخرجُ فضلاتِ ما يأكلُه من فمِه حيثُ قيَّضَ الله له طائراً قُدِّر غذاؤُه من ذلكَ ، فإذَا رآهُ التمساحُ يفتحُ فمَهَ فيدخُلُه الطائرُ فيأكلُ ما فيهِ ، وقد خلقَ الله تعالى له من فوقِ منقارِه ومن تحتِه قرنينِ لئلا يطبقَ عليه التمساحُ فمَهُ . هَذا وأمَّا فنونُ هداياتِه سبحانَهُ وتعالَى للإنسانِ من حيثُ الجسميةُ ومن حيثُ الحيوانيةُ لا سيِّما من حيثُ الإنسانيةُ فممَّا لا يحيطُ به فلكُ العبارةِ والتحريرُ ولا يعلمُه إلا العليمُ الخبـيرُ .