Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 87-90)
Tafsir: Iršād al-ʿaql as-salīm ilā mazāyā al-kitāb al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ رَضُواْ } استئنافٌ لبـيان سوءِ صنيعِهم وعدمِ امتثالِهم لكلا الأمرين وإن لم يرُدّوا الأول صريحاً { بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوٰلِفِ } مع النساء اللاتي شأنُهن القعودُ ولزومُ البـيوتِ ، جمعُ خالفةٍ وقيل : الخالفةُ من لا خير فيه { وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ } بسبب ذلك { لاَّ يَفْقَهُونَ } ما في الإيمان بالله وطاعتِه في أوامره ونواهيه واتباعِ رسولِه عليه السلام والجهادِ من السعادة وما في أضداد ذلك من الشقاوة { لَـٰكِنِ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مَعَهُ } بالله وبما جاء من عنده تعالى ، وفيه إيذانٌ بأنهم ليسوا من الإيمان بالله في شيء وإن لم يُعرضوا عنه صريحاً إعراضَهم عن الجهاد باستئذانهم في القعود { جَـٰهَدُواْ بِأَمْوٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ } أي إنْ تخلّف هؤلاء عن الغزو فقد نهَدَ إليه ونهضَ له من هو خيرٌ منهم وأخلصُ نيةً ومعتقَداً وأقاموا أمرَ الجهادِ بكلا نوعيه كقوله تعالى : { فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَـؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَـٰفِرِينَ } [ الأنعام : 89 ] { وَأُوْلـئِكَ } المنعوتون بالنعوت الجليلة { لَهُمْ } بواسطة نعوتِهم المزبورة { الخَيْرَاتِ } أي منافعُ الدارين النصرُ والغنيمةُ في الدنيا والجنةُ والكرامة في العُقبى ، وقيل : الحورُ كقوله عز قائلاً : { فِيهِنَّ خَيْرٰتٌ حِسَانٌ } [ الرحمن : 70 ] وهي جمعُ خَيْرة تخفيف خيّرة { وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } أي الفائزون بالمطلوب لا مَنْ حاز بعضاً من الحظوظ الفانية عما قليل ، وتكريرُ اسمِ الإشارة تنويهٌ لشأنهم وربْءٌ لمكانهم { أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمْ } استئنافٌ لبـيان كونِهم مفلحين أي هيأ لهم في الآخرة { جَنَّـٰتٌ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَـٰالِدِينَ فِيهَا } حالٌ مقدرةٌ من الضمير المجرورِ والعامل أعدّ { ذٰلِكَ } إشارةٌ إلى ما فُهم من إعداد الله سبحانه لهم الجناتِ المذكورةَ من نيل الكرامةِ العظمى { ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } الذي لا فوزَ وراءه . { وَجَاء ٱلْمُعَذّرُونَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ } شروعٌ في بـيان أحوالِ منافقي الأعرابِ إثرَ بـيانِ منافقي أهلِ المدينةِ ، والمعذّرون من عذّر في الأمر إذا قصّر فيه وتوانىٰ ولم يجِدَّ ، وحقيقتُه أن يوهِمَ أن له عذراً فيما يفعل ولا عذرَ له أو المعتذرون بإدغام التاءِ في الذال ونقلِ حركتِها إلى العين وهم المعتذرون بالباطل ، وقرىء المُعْذِرون من الإعذار وهو الاجتهاد في العذرُ والاحتشادُ فيه ، قيل : هم أسَدٌ وغطَفانُ قالوا : إن لنا عيالاً وإن بنا لجَهداً فائذن لنا في التخلف . وقيل : هم رهطُ عامِر بنِ الطفيل قالوا : إن غزَوْنا معك أغار أعرابُ طيءٍ على أهالينا ومواشينا فقال عليه السلام : " سيغنيني الله تعالى عنكم " وعن مجاهد : نفرٌ من غِفارٍ اعتذروا فلم يعذُرهم الله سبحانه . وعن قتادة : اعتذروا بالكذب . وقرىء المُعّذّرون بتشديد العين والذال من تعذر بمعنى اعتذر وهو لحنٌ إذ التاءُ لا تُدغم في العين إدغامَها في الطاء والزاي والصاد في المطّوعين وازّكى واصّدق . وقيل : أريد بهم المعتذرون بالصحة وبه فُسّر المعذّرون والمُعْذِرون أي الذين لم يُفرطوا في العذر { وَقَعَدَ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } وهم منافقو الأعرابِ الذين لم يجيئوا ولم يعتذروا فظهر أنهم كذبوا الله ورسولَه بادعائهم الإيمانَ والطاعة { سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ } أي من الأعراب أو من المعذّرين فإن منهم من اعتذر لكسله لا لكفره { عَذَابٌ أَلِيمٌ } بالقتل والأسرِ في الدنيا والنارِ في الآخرة .