Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 99, Ayat: 7-7)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ } [ 7 ] قال : لما نزلت هذه الآية خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال في خطبته : " ألا وإن الدنيا عرض حاضر ، يأكل منه البر والفاجر ، ألا وإن الآخرة أجل صادق ، يقضي فيها ملك قادر ، ألا وإن الخير كله بحذافيره في الجنة ، ألا وإن الشر كله بحذافيره في النار ، ألا فاعلموا وأنتم من الله على حذر ، واعلموا أنكم معروضون على أعمالكم فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ [ 7 - 8 ] " . قال أبو الدرداء رضي الله عنه : إتمام التقوى أن يتقي الله عبده ، حتى يتقيه في مثقال ذرة ، حتى يترك بعض ما يرى أنه حلال ، خشية أن يكون حراماً يكون حجاباً بينه وبين الحرام . قال سهل : لا تستصغر شيئاً من الذنوب وإن قل ، فإنهم قالوا : أربعة بعد الذنب أشد من الذنب : الإصرار والاستبشار والاستصغار والافتخار . وقد قال ابن مسعود رضي الله عنهما : إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه في أصل جبل يخاف أن يقع عليه ، وإن الكافر يرى ذنوبه كذبابة وقعت على أنفه فقال هكذا بيده فطارت . ثم قال سهل : معشر المسلمين لقد أعقبتم الإقرار باللسان واليقين في القلب ، أن الله واحد ليس كمثله شيء ، وإن لكم يوماً يبعثكم فيه ويسألكم فيه عن مثاقيل الذر من أعمالكم ، فإن كان خيراً أثابكم فيه ، وإن كان شراً عاقبكم عليه إن شاء ، فحققوه بالفعل . قيل له : وكيف لنا أن نحققه بالفعل ؟ قال : بخمسة أشياء لا بد لكم منها : أكل الحلال ، ولبس الحلال ، وحفظ الجوارح ، وأداء الحقوق كما أمرتم به ، وكف الأذى عن المرسلين ، كيلا يذهب بأعمالكم قصاصاً في القيامة ، ثم استعينوا على ذلك كله بالله حتى يتمها لكم . قيل له : فكيف تصح للعبد هذه الأحوال ؟ قال : لا بد له من عشرة أشياء يدع منها خمساً ويتمسك بخمس ويدع وساوس العدو ، ويتبع العقل فيما يزجره ، ويدع اهتمامه لأمر الدنيا ويتركها لأهلها ، ويهتم بالآخرة ويعين أهلها ويدع اتباعه الهوى ويتقي الله على كل حال ، ويترك المعصية ويشتغل بالطاعة ، ويدع الجهل والإقامة عليه حتى يحكم عمله ، ويطلب العلم ويعمل به . قيل له : وكيف لنا أن نقيمها ونعمل بها ؟ قال : لا بد من أربعة أشياء : لا يتعب نفسه فيما كان مصيره إلى التراب ، ولا يرغب فيه ، ولا يتخذ إخواناً مصيرهم إلى التراب ، ولا يرغب فيهم . قيل : كيف ذلك ؟ قال : يعلم أنه عبد ، مولاه عالم بحاله ، شاهد ، قادر على فرحه وترحه ، رحيم به . والله سبحانه وتعالى أعلم .