Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 47-47)

Tafsir: Maǧmaʿ al-bayān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اللغة : الطمس هو عفو الأثر والطامس والداثر والدارس بمعنى والأدبار جمع دبر وأصله من الدَبْر . يقال : دبره يدبره دبراً فهو دابر إذا صار خلفه والدابر التابع وقولـه : { والليل إذا أدبر } [ المدثر : 33 ] معناه تبع النهار ، والتدبير إحكام أدبار الأمور وهي عواقبها . المعنى : ثُمَّ خاطب الله أهل الكتاب بالتخويف والتحذير فقال { يا أيها الذين أوتوا الكتاب } أي أعطوا علم الكتاب { آمنوا } أي صدقوا { بما نزلنا } يعني بما نزلناه على محمد صلى الله عليه وسلم من القرآن وغيره من أحكام الدين { مصدقاً لما معكم } من التوراة والإنجيل اللذين تضمنا صفة نبينا صلى الله عليه وسلم وصحة ما جاء به { من قبل أن نطمس وجوهاً فنردها على أدبارها } واختلف في معناه على أقوال أحدها : أن معناه من قبل أن نمحو آثار وجوهكم حتى تصير كالأقفية ونجعل عيونها في أقفيتها فتمشي القهقرى عن ابن عباس وعطية العوفي وثانيها : أن المعنى أن نطمسها عن الهدى فنردّها على أدبارها في ضلالتها ذمّاً لها بأنها لا تفلح أبداً عن الحسن ومجاهد والضحاك والسدي ورواه أبو الجارود عن أبي جعفر ع وثالثها : أن معناه نجعل في وجوههم الشعر كوجوه القرود عن الفراء وأبي القاسم البلخي والحسين بن علي المغربي ورابعها : أن المراد حتى نمحو آثارهم من وجوههم أي نواحيهم التي هم بها وهي الحجاز الذي هو مسكنهم ونردّها على أدبارها حتى يعودوا إلى حيث جاؤوا وهو الشام ، وحمله على إجلاء بني النضير إلى أريحا وأذرعات من الشام عن ابن زيد وهذا أضعف الوجوه لأنه ترك للظاهر . فإن قيل على القول الأول كيف أوعد سبحانه ولم يفعل فجوابه على وجوه : أحدها أنّ هذا الوعيد كان متوجهاً إليهم لو لم يؤمن واحد منهم فلما آمن جماعة منهم كعبد الله بن سلام ، وثعلبة بن شعبة ، وأسد بن ربيعة ، وأسعد بن عبيدة ، ومخريق ، وغيرهم ، وأسلم كعب في أيام عمر ، رفع العذاب عن الباقين ويفعل بهم ذلك في الآخرة على أنه سبحانه قال : { أو نلعنهم كما لعنا } والمعنى أنه يفعل أحدهما وقد لعنهم الله بذلك . وثانيها : أن الوعيد يقع بهم في الآخرة لأنه لم يذكر أنه يفعل بهم ذلك في الدنيا تعجيلاً للعقوبة ذكره البلخي والجبائي . وثالثها : أن هذا الوعيد باقٍ منتظر لهم ولا بُدَّ من أن يطمس الله وجوه اليهود قبل قيام الساعة بأن يمسخها عن المبرد . { أو نلعنهم } أي نخزيهم ونعذبهم عاجلاً عن أبي مسلم . وقيل : معناه نمسخهم قردة { كما لعنا أصحاب السبت } يعني الذين اعتدوا في السبت عن السدي وقتادة والحسن وإنما قال سبحانه : { نلعنهم } بلفظ الغيبة وقد تقدم خطابهم لأحد أمرين إما للتصرف في الكلام كقولـه : { حتى إذا كنتم في الفلك } فخاطب ثم قال : { وجرين بهم بريح طيبة } [ يونس : 22 ] فكنى عنهم وأما لأن الضمير عائد إلى أصحاب الوجوه لأنهم في حكم المذكورين { وكان أمر الله مفعولا } فيه قولان : أحدهما : أن كل أمر من أمور الله سبحانه من وعد أو وعيد أو خبر فإنه يكون على ما أخبر به عن الجبائي والآخر : أن معناه أن الذي يأمر به بقوله كن كائن لا محالة وفي قولـه سبحانه { من قبل أن نطمس } وجوهاً دلالة على أن لفظة قبل تستعمل في الشيء أنه قبل غيره ولم يوجد ذلك لغيره ولا خلاف في أن استعماله يصح ولذلك يقال كان الله سبحانه قبل خلقه .