Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 17-17)

Tafsir: Ḥaqāʾiq at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { أَنَزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا } [ الآية : 17 ] . قال الواسطى : خلق الله تعالى درة صافية فلاحظها بعين الجمال فزابت منه حياءً ، { فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا } فصفاء القلوب من وصول الماء إليه وحياء الأسرار من نزول ماء ذلك المشرب . قال ابن عطاء : { أَنَزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ } هذا مثلٌ ضربه الله تعالى للعبد كما أنه إذا سال السيل فى الأودية ، لم يبق فى الأودية نجَاسة إلا كنسها وذهب بها ، كذلك إذا سال النور الذى قسم الله تعالى للعبد فى نفسه لا يبقى فيه غفلةٌ ولا ظلمة { أَنَزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً } يعنى قسمة النور { فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا } يعنى فى القلوب الأنوار على ما قسم له فى الأزل ، { فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَآءً } فبذلك النور يصير القلب منورًا فلا يبقى فيه جفوة ، { وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي ٱلأَرْضِ } فذهب البواطيل وتبقى الحقائق . قال بعضهم : { أَنَزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً } : أنواع الكرامات فأخذ كل قلب بحظه ، ونصيبه فكل قلب مؤيد بنور التوفيق ، أضاء فيه سراج المعرفة ، وكل قلب زين بنور الهدى أضاء فيه أنوار المعرفة ، وكل قلب قيد بنور المحبة ، أضاء فيه لهيب الشوق وكل قلب عمى بلهيب الشوق أضاء فيه أنس القرب ، كذلك القلوب تتقلب من حالة إلى حالة حتى تستغرق فى أنوار المشاهدة ، أخذ كل قلب بحظه ، ونصيبه إلى أن تبدو الأنوار على الشواهد من فضل نور السر . قوله عز وجل : { فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَآءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي ٱلأَرْضِ } [ الآية : 17 ] . قال ابن عطاء : ما كان من الأحوال صدقًا . ثبت فى القلوب بركاتها ، وما كان من غير ذلك فإنه لا يبقى فيه خير . قال الواسطى : فى قوله تعالى : { أَنَزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً } هو القرآن فى صرف الكرم والفضل { فَٱحْتَمَلَ ٱلسَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً } رؤيتك الأعمال ، وصولتك بها على جيرانك ، { فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَآءً } عند أهل التوحيد ، { وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ } وهو اليقين ، وهو ما سال من الله عليه من صرف الكرم فيبقى عليه .