Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 39-39)
Tafsir: Ḥaqāʾiq at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { يَمْحُواْ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ } [ الآية : 39 ] . قال الواسطى : منهم من جَدَّ بهم الحق ومحاهم عن نفوسهم بنفسه وقال : { يَمْحُواْ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ } فمن فنى عن الحق بالحق لقيام الحق بالحق فنى عن الربوبية فضلاً عن العبودية ، وقيل : يمحُو الله ما يشاء من شواهد العبد حتى لا يكون على سره غير ربه ، ويثبت من يشاء فى ظلمات شاهده حتى يكون غائبًا أبدًا عن ربه . وقال ابن عطاء : { يَمْحُواْ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ } عن رسوم الشواهد ، والأعراض ، وكلما يورد على سره من عظمته وحرمته وهيبته ولو غاب أنواره ، فمن أثبته فقد أحضره ومن محاه فقد غيبه ، والحاضر مرجوعه لا يعدوه . قال الواسطى : يمحوهم عن شاهد الحق ويثبتهم فى شواهدهم ويمحوهم عن شواهدهم ، ويثبتهم فى شاهد الحق ، ويمحو رسوم نفوسهم عن نفوسهم ، ويثبتهم برسمه . قال ذو النون : العامة فى قصص العبودية إلى أبد الأبد ، ومنهم من هو أرفع منهم درجة ، غلبت عليهم مشاهدة الربوبية ومنهم من أرفع منهم درجة جد بهم الحق ومحاهم عن نفوسهم وأثبتهم عنده ، لذلك قال : { يَمْحُواْ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ } . قال سهل : يمحو الله ما يشاء ويثبت الأسباب ، وعنده أم الكتاب القضاء المبرم الذى لا زيادة فيه ولا نقصان . قال محمد بن الفضل : { يَمْحُواْ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ } من نسخ محكم الشرائع وإثباتها ، وقال أيضًا : يمحُو الإيمان من سِرّ من يشاء ، ويثبته فى سر من يشاء . قال ابن عطاء : يمحُو الله أوصافهم ويثبت أسرارهم لأنه موقع المشاهدة . سمعت محمد بن عبد الله الرازى يقول : سمعت الشبلى يقول فى قوله : { يَمْحُواْ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ } قال : يمحو ما يشاء من شهود العبودية ، وأوصافها ، ويثبت ما يشاء من شهود الربوبية ودلائلها . وقال سهل : يمحو الله ما يشاء من الأسباب ويثبت الأقدار . قال بعضهم : يمحو الله ما يشاء يكشفه عن قلوب أهل محبته إخوان الشوق إليه ، ويثبت بتجلّيه لها ، السرور والفرح به . وقال بعضهم : يمحو الله من قلوب أعدائه آثار حكمته وأنوار بره ، ويثبت فى قلوب أوليائه ما أجرى عليها من معرفة نعوته ، فهم المقدمون فى الأوقات والقائمون بحقوق الله تعالى من غير كلفة ولا شك . سمعت منصور بن عبد الله : يقول : سمعت أبا القاسم السكندرى يقول : سمعت أبا جعفر الملطى يقول عن على بن موسى الرضا عن أبيه : عن جعفر بن محمد قوله : { يَمْحُواْ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ } قال : يمحو الكفر ويثبت الإيمان ، ويمحو النكرة ويثبت المعرفة ، ويمحو الغفلة ويثبت الذكر ، ويمحو البغض ويثبت المحبة ، ويمحو الضعف ويثبت القوة ، ويمحو الجهل ويثبت العلم ، ويمحو الشك ويثبت اليقين ، ويمحو الهوى ويثبت العقل على هذا الشق ودليله { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } [ الرحمن : 29 ] محو أو إثبات . قوله عز وجل : { وَعِندَهُ أُمُّ ٱلْكِتَابِ } [ الآية : 39 ] . قال جعفر : الكتاب الذى قدر فيه الشقاء والسعادة فلا يزاد فيه ولا ينقص منه { مَا يُبَدَّلُ ٱلْقَوْلُ لَدَيَّ } [ ق : 29 ] والأعمال ، أعلام فمن قدَّر له السعادة ختم له بالسعادة ، ومن قدَّر عليه الشقاوة ختم له بها . قال النبى صلى الله عليه وسلم : " إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يكون ما بينه وبينها إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب فيعمل عمل أهل النار فيدخلها ، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه ، وبينها إلا ذراع ، فيختم عليه الكتاب السابق فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها " .