Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 30-30)
Tafsir: Ḥaqāʾiq at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إِنِّي جَاعِلٌ فِي ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا } . قال ابن عطاء : إن الملائكة جعلوا دعاءهم وسيلة إلى الله ، فأمر الله النار فأحرقت منهم ساعة واحدة ألوفًا فأقروا بالعجز وقالوا { سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَآ } [ الآية : 32 ] . قال جعفر : لما باهَوا بأعمالهم وتسبيحهم وتقديسهم ضربهم كلهم بالجهل حتى قالوا : لا علم لنا . وقال بعضهم : عجزهم عن درك المكتوبات عرفهم بذلك قصورهم عن حقائق الحق . وقال بعضهم : من استكبر بعمله واستكثر بطاعته كان الجهل وطنه ، ألا تراهم لما قالوا للحق نسبح بحمدك ألجأهم إلى أن قالوا : لا علم لنا . قال الواسطى : من قال أنا فقد نازع القدرة ، قالت الملائكة : نحن نسبح بحمدك وذلك ليغذيهم من المعارف وهم أرباب للافتخار والاعتراض عن الربوبية بقولهم أتجعل فيها من يفسد فيها . قال الواسطى فى قوله : { إِنِّي جَاعِلٌ فِي ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً } خلقه بعلمه السابق ودبره بالتركيب وألبسه شواهد النعت حتى يعرفه ، ثم كانت أنفاسه مدخرة عند الحق حتى أبداها . وقال بعض العراقيين : شروط الخلافة رؤيته بذاته الأشياء فصلاً ووصلاً ، إذ الفصل والوصل لم ينفصل منه قط ، وأى وصل للحدث بالقِدم . وقال بعضهم : أعلمهم أن العلم بالله أتم من المجاهدات . وقال بعضهم : عَيَّروا آدم واستصغروه ولم يعرفوا خصائص الصنع فيه فأمروا بالسجود له . وقال بعض البغداديين : حلاه بخصائص الخلع وأظهر عليه صفات القدم ، فصار الخضوع له قربة إلى الحق والاستكبار عليه بعدًا من الحق . وقال بعضهم : { إِنِّي جَاعِلٌ فِي ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً } خاطب الملائكة لا للمشورة ولكن لاستخراج ما فيهم من رؤية الحركات والعبادات والتسبيح والتقديس ردهم إلى قمتهم فقال اسجدوا لآدم . وقال الواسطى فى قوله { إِنِّي جَاعِلٌ فِي ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً } أظهر عليهم ما أضمروه فى شواهدهم لكم دونه فأظهر حرف كرمه ؛ لأن حرف الكرم أن ترى أن شروط الجناية لا تهدم العناية ولو أكرمهم على ما كان منهم لم تظهر حقائق الكرم ، ولما قالوا { وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ } علَّم آدم الأسماء كلها فرجعوا إلى رؤية التقصير فى تسبيحهم وتقديسهم فقالوا : { سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَآ } [ الآية : 32 ] إن التسبيح والتقديس لا يقربان منك إنما يقرب منك سبق عناية الأزل وهو لا تقدح فيه الجنايات والعصيان . قال أبو عثمان المغربى : ما بلاء الخلق إلا الدعاوى ، ألا ترى أن الملائكة قالوا : نحن نسبح بحمدك ونقدس لك حتى ركنوا إلى الجهل فقالوا : لا علم لنا .