Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 12-14)

Tafsir: Ḥaqāʾiq at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عزَّ وعلا : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ } [ الآية : 12 ] . قال الواسطى رحمة الله عليه : ابتدأ الله فى سبب الخلق أنه أوجد نطفة ثم أنشأها إنشاءً ثم نقلهم من طبق إلى طبق ، وجعلهم مضغًا بعد العلق ثم بعد المضغة عظمًا ، ثم كسى العظم لحمًا ، ثم أنشأه خلقًا آخر ، فشقق فيه الشقوق ، وخرق فيه الخروق ، وأمزج فيها العصب ، ومدَّ فيها القصب وجعل العروق السايرة كالأنهار الجارية بين القطع المتجاورة ، ثم أخبر عن فعله فقال : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ … } الآية . وقال الحسين : الخلق متفاوتون فى منازل خلقهم وصفاتهم ، وقد كرم الله بنى آدم بصورة الملك ، وروح النور ، ونور المعرفة والعلم وفضلهم على كثير ممن خلقهم تفضيلاً . وقال أيضًا : خلق بنى آدم من الماء والتراب بين الظلمة والنور ، فعدل خلقهم ، وزاد المؤمنين بإيمانهم نورًا مبينًا ، وهدىً وعلمًا ، وفضلهم على سائر العالمين ، كما نقلهم فى بدء خلقهم من حالٍ إلى حال ، وأظهر فيهم الفطرة والآيات ، وتكامل فيهم الصنع والحكمة والبينات وتظاهر عليهم الروح والنور والسبحات منذ كانوا ترابًا ونطفة وعلقة ، ومضغة ، ثم جعلهم خلقًا سويًا إلى أن كملت فيهم المعرفة الأصلية . قوله عز وعلا : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ … إلى قوله … فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ } [ الآية : 12 - 14 ] . وقال الحسين : خلق الخلق على أربع أصول فاعتدلها على أربع أصول : الربع الأعلى : إلهية ، والربع الآخر : آثار الربوبية ، والربع الآخر : النورية بين فيه التدبير والمشيئة ، والعلم والمعرفة ، والفهم والفطنة ، والفراسة والإدراك ، والتمييز ولغات الكلام والربع الاخر : الحركة والسكون كذلك خلقه فسَوَّاه . قوله تعالى : { ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ } . قال الحسين : فطر الأشياء بقدرته ، ودبرها بلطف صنعه فأبدأ آدم كما شاء لما شاء ، وأخرج منه ذرية على النعت الذي وصف من مضغة وعلقة ، وبدائع خلقه ، وأوجب لنفسه عند خلقته اسمه الخالق ، وعند صنعة الصانع ، ولم يحدثوا له اسمًا كان موصوفًا بالقدرة على إبداع الخلق فلما أبدأها أظهر اسمه الخالق للخلق ، وأبرزها لهم ، وكان هذا الاسم مكتوبًا لديه ، مدعوًا به فى أزله اسمى بذلك نفسه ، ودعا نفسه به فالخلق جميعًا عن إدراك وصفه عاجزون ، وكل ما وصف الله به نفسه فهو له وأعز وأجل وأظهر للخلق من نعوته ما يطيقونه ، ويليق بهم فتبارك الله أحسن الخالقين .