Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 89-89)

Tafsir: Ḥaqāʾiq at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال ابن عطاء رحمه الله : قلبٌ خالٍ من الاشتغال بشىء سوى مولاه ، سلم له الطريق اليه فلم يفرح على شىء سواه . قال بعضهم : السليم فى لسان العرب اللديغ ، واللديغ هو القلق المزعج فكأنه يقول : ثلاث لا يهدأ من الجزع والتضرع من مخالفة القطيعة . قال الواسطى رحمه الله : سلم من سوء القضاء ، وسئل الواسطى عن القلب السليم ؟ فقال : سليم من الإعراض عن الله . قال الجنيد رحمه الله : السليم الذى لا يكون فيه إلا حُبه . قال بعضهم : السليم الذى قد سلم من آفات الدنيا ، ومطابع العقبى ، ولا يكون فيه الشغل بمولاه . وقال الواسطى رحمه الله : قلب سليم فارغ من الآفات لم يتجرع الغصص التى فيها أولو العاهات . قال ابن عطاء رحمه الله : الذى يلقى الله وليس له همة سواه . قال بعضهم : السليم الذى يدخل الدنيا سالمًا من علامات الشقاء ، ويعيش فى الدنيا سالمًا من ركوب الهوى ، ويخرج من الدنيا سالمًا من سوء القضاء ويقوم بين يدى الله جل وعز سالمًا من نزول البلاء والله عنه راضٍ . قال ابن عطاء : قلبٌ سليم أى : سليم من غير الله . وقال أيضًا : السليم الذى لا يشوبه شىء من آفات الكون الفارغ من الهواجس والموارد . قال الواسطى رحمه الله : ابتلى إبراهيم عليه السلام فى نفسه وأهله ، وولده فلم يؤثر فيه شىء من ذلك لسلامة قلبه عن الأكوان وما فيها ، فلم يؤثر عليه شىء لما سلمت حالته مع الحق هان عليه كل ما عداه . وقال أيضًا : القلب السليم هو أن يلقى الله ، وليس فيه مع الله شريك من كفر أو رياء أو غير ذلك ، وهو الذى فنى عن الأشياء بالله ثم فنى عن الله بالله ، وسئل بعضهم : بما تنال سلامة الصدر ؟ قال : بالوقوف على حق اليقين وهو القرآن ثم حينئذٍ يعطى على اليقين وهو المعرفة ، ثم يعطى بعده حق اليقين وهو المشاهدة ، ثم يعطى بعدها عين اليقين ، وهو الفناء عن الأحوال ، والرسوم فيسلم لك صدرك وعلامته أن ترى العبد راضيًا فى جميع الأحوال ولا يتخلل قلبه خلاف على ربه بحال . قال أبو عثمان : هو على أربع منازل : أولها : سلامة القلب من الشرك ، الثانى : سلامة القلب من الأهواء المفعلة . الثالث : سلامة القلب من الرياء والعجب . والرابع : سلامة القلب من ذكر كل شىء سوى الله . وقال أبو سعيد الخراز : فى قوله : { إِلاَّ مَنْ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } قال ليس فيه إلا الله ، ومنه قول الخليل : { وَٱجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ } [ البقرة : 128 ] وقول يوسف صلى الله عليه وسلم : { تَوَفَّنِي مُسْلِماً } [ يوسف : 101 ] والإسلام يجمع شيئين من أصل واحد ، وهو إخلاص القلب بتوحيد الله واستكانة العبودية مع ملازمة موافقة الله . قال القاسم : السليم الذى سلم من سوء القضاء . وقيل الذى سلم من الكبائر ، وقيل : الذى سلم من الشرك ، وقيل : الذى سلم من بغض أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم . وقال سهل : الذى سلم من البدع . وقال الشبلى : سليمًا من جميع ما فى الكون . قال أبو بكر الوراق : القلب السليم الراضى لمجارى المقدور عليه فى المحبوب والمكروه . سمعت عبد الله الرازى يقول : سئل سهل عن قوله تعالى : { إِلاَّ مَنْ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } قال : التفويض الى الله ، والرضا بقضاء الله . سمعت محمد بن عبد الله الرازى يقول : سمعت أبا بكر بن طاهر يقول : لكل نبى مع الله حالٌ ومقام ، فمقام آدم الملامة ، ومقام إبراهيم السلامة ، ومقام محمد صلى الله عليه وسلم الاستقامة ، فآدم لام نفسه فقال : { رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا } [ الأعراف : 23 ] فاستفاد العفو وإبراهيم { جَآءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } [ الصافات : 84 ] فاستفاد الخلة ، ونبينا عليه السلام قيل له : { فَٱسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ } [ هود : 112 ، الشورى : 15 ] فاستقام فاستفاد المحبة فأثنى عليه فقال : { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } [ القلم : 4 ] وأعظم الأخلاق خلق يستقيم على بساط القربة وحال المشاهدة .