Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 103-103)
Tafsir: Ḥaqāʾiq at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وعلا : { وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ } [ الآية : 103 ] . قال أبو يزيد : ما لم تفقد نفسك ولا تعتصم بخالقك لا يُستجاب لك ومتى كنت وسط الأمور والمخلوق لا يهتدى إلى الخالق ، فإذا طرحت عنك كنت معتصمًا به . وقيل : الاعتصام إليه هو ميل القلب بالوفاء وأداء الفرائض بغير تقصير . قال ابن عطاء : حبل اللهِ متصل بعبده يتوقع منه المزيد والفوائد فى كل وقت ، وحبلهُ عهده وكتابه فمن اعتصم به وصل . سُئل الجنيد رحمة الله عليه عن قوله : { وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ } معناه قالت المتصوفة : هو خصوص وعموم أما قوله : { وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ } معناه : اعتصموا بالله عن الاعتصام بحبل الله . وقال أبو عثمان : الاعتصام بالله والامتناع به من الغفلة والكفر والشرك والمعاصى والبدع والضلالات وسائر المخالفات . وقيل : اعتصموا بحبل الله : اجتمعوا على موافقة الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه الحبل الأوثق ، ولا تفرقوا عنه ظاهرًا وباطنًا وسرًا وعلانية . قال الواسطى رحمة الله عليه : اعتصموا بحبل الله ومن يعتصم بالله فقد هدى خطاب الخاص وخطاب العام : { قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ } [ يونس : 58 ] . قوله عز وجل : { إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ } . قيل : كنتم أعداء بملازمة حظوظ أنفسكم فألف بين قلوبكم فأزال عنكم حظوظ الأنفس وردّكم منها إلى حظ الحق فيكم . وقال بعضهم : خصّ اللهُ الأنبياء والأولياء والمؤمنين بخاصيته فأزال { إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ } بعلمه . قال : عطاياه لا تحمل إلا خطاياه فألف بين قلوب المرسلين بالرسالة ، وقلوب الأنبياء بالنبوة ، وقلوب الصادقين بالولاية ، وقلوب الشهداء بالمشاهدة ، وقلوب الصالحين بالخدمة ، وقلوب عامة الخلق بالهداية ، فجعل المرسلين رحمة على الأنبياء ، والأنبياء رحمة على الصديقين ، والصديقين رحمة على الشهداء ، والشهداء رحمة على الصالحين ، والصالحين رحمة على عباده المؤمنين ، والمؤمنين رحمة على الكافرين . قوله تعالى : { فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً } . قال ابن عطاء فى هذه الآية : فأثر فيكم عنايتُهُ وحسن نظره ، فألف بين قلوبكم وأرواحكم ، وجعل الحظين فيها حظًا واحدًا . قوله عز وعلا : { وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُمْ مِّنْهَا } . قيل : برؤية النجاة بأعمالكم فأنقذكم منها برؤية الفضل .