Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 1-1)
Tafsir: Ḥaqāʾiq at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ } [ الآية : 1 ] . قال بعضهم : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } يا بنى النسيان والجهل . قال الواسطى رحمه الله : يا بنى الأعمار والأعمال والآمال ، لا تذهبون فيما سبق ولا تغيبون عما أنتم فيه . وقال ابن عطاء رحمه الله : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } كونوا من الناس الذين آنسوا بالله واستوحشوا ممن سواه . وقال جعفر الصادق رحمه الله : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } كونوا من الناس الذين هم الناس ، ولا تغفلوا عن الله فمن عرف أنه من الناس الذين خص خلقه ما خص به ، كبرت همته عن طلب المنازل ، وسمت به الرفعة حتى يكون الحق عز وجل نهايته كما قال تعالى : { وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلْمُنتَهَىٰ } [ النجم : 42 ] وسمُو همته فيما خص به من الاختصاص من التعريف والإلهام . وقال بعضهم : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } خطاب العام ، و " يا عبادى " خطاب الخاص ، وخطاب خاص الخاص { يَٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ } ، و { يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ } . قوله تعالى : { ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ } . روى الليث عن مجاهد عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه أن رجلاً جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال له : أوصنى قال : " اتقِ الله فإنه جماع كل خير " . وقال بعضهم : أصل التقوى أنه وصفك وقابلك بما يليق بك . قال سمعت النصرآباذى رحمه الله يقول : التقوى نيل الحق ، قال الله عز وجل : { لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَآؤُهَا وَلَـٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقْوَىٰ مِنكُمْ } [ الحج : 37 ] . قال بعضهم : التقوى ترك المخالفات أجمع . وقال سهل رحمه الله : من أراد التقوى فليترك الذنوب كلها وكل شىء يقع فيه خلل فيدخل عليه التقوى شاء أم أبى . وقال أيضًا : التقوى ترك النهى والفواحش . وقال بعضهم رحمه الله : التقوى الاقتداء بالنبى صلى الله عليه وسلم . وقال بعضهم : التقوى فى الأمر ترك التسويف والتقوى فى النهى ترك الفكرة والقيام عليه . والتقوى أداب مكارم الأخلاق ، والتقوى فى الترغيب أن لا يظهر ما فى سرك ، والتقوى فى الترهيب أن لا يقف على الجهل . وقال بعضهم رحمه الله : التقوى من الله الاجتناب من كل شىء سوى الله . وقال الجريرى رحمه الله : من لم يحكم فيما بينه وبين الله تعالى بالتقوى والمراقبة لا يصل إلى الكشف والمشاهدة . قال الواسطى رحمه الله : التقوى على أربعة أوجه : للعامة تقوى الشرك ، وللخاص تقوى المعاصى ، وللخاص من الأولياء تقوى التوسل بالأفعال ، وللأنبياء تقواهم منه إليه . وقال أبو يزيد رحمه الله : كل التقوى من إذا قال لله ولم يقل لغيره ، وإذا نوى نوى لله ولم يتب لغيره ، هكذا فى جمعى ما يبدو منه . قوله تعالى : { ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا } الآية . قيل : من أوجد النفس الأولى إلا القدرة الجارية والمشيئة النافذة . وقال عمرو بن عثمان : إن الله عز وجل خلق العالم فهيأه باتساقه نظمًا وذكرًا من أطرافه وأكنافه وأوله وآخره وبدؤه ومنتهاه من أسفله إلى أعلاه ، وجعله بحيث لا خلل فيه ولا تفاوت ولا فطور ، أحكم بناءه باتصال التدبير وحبسه عن حد تقديره وإن اختلفت أجزاءه فى التفرقة والأجسام والهيئات والتخطيط والتصوير ، وفرقه بتفرقة الأماكن وحققه بائتلاف المصالح ، فهو مربوط بحدود تقديره وشائع بأفضال تدبيره وبث فيه الأجناس بينهما من شواهد الزينة ، فأظهر القدرة بإيجاد آدم عليه السلام ثم بث أولاده فى البسط إلى تصاريف التدبير لهم والمشيئة . قال الله تعالى : { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا } [ الأعراف : 189 ] . قال الواسطى رحمه الله فى قوله تعالى : { خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ } قال : خلقهم بعلم سابق ودبرهم بالتركيب وألبسهم شواهد النعت ، حتى عرَّفهم فكانت أنفاسهم مدخرة عنده ، حتى أبداها ، فما أبداها هو ما أخفاها ، وما أخفاها هو ما أبداها .