Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 109-109)

Tafsir: Ḥaqāʾiq at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى وتقدس : { يَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَآ } [ الآية : 109 ] . قال الواسطى رحمة الله عليه : أظهر ما منه إليهم كلهم من توليه فقالوا كيف نقول فعلت الأمم - أو فعلنا عندها - كلَّت إلا عن العبادة عن الحقيقة . وقال بعضهم : لا علم لنا بسؤال عن الحقيقة . وقال : خاطبهم لعلمه بأنهم يحملون ثقل الخطاب وأشد ما ورد على الأنبياء فى نبوتهم حمل الخطاب على المشاهدة ، لذلك لم يظهروا الجواب ولم ينطقوا بالجواب إلا على لسان العجز ، لا علم لنا مع ما كشفت لنا من جبروتك . وقال الجنيد رحمة الله عليه : رفق بهم ولو فقهوا أو علموا لماتوا هيبة لورود الجواب للخطاب . وقال بعضهم : لولا أن الله تعالى أيدهم بخطابه بالوسائط ، لذابوا حين فجِئَهم خطاب المشاهدة . وقال بعضهم : طاشت عقولهم وذهلت ألبابهم لهيبة ورود الخطاب عليهم . وقال ابن عطاء : لا علم لنا بسؤالك ولا جواب لنا عنه . وقال سهل بن عبد الله : لا عقل لنا وكانت مخاطبتهم فى أصل العقل . وقال بعضهم : لما ظهر لهم الحق بعلمه وسبقه ثم سألهم جحدوا علومهم ونسوها فى قوله : { يَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَآ } [ الآية : 109 ] . وذلك من إقامة الأدب لأجلها بما أجابوا . وحكى الواسطى رحمة الله عليه عن الجنيد رحمه الله أنه قال عن غفلة : قالوا لا علم لنا ولو فقهوا لماتوا ، ولو لحظت الرسل ما تحت خطابه لذابوا . سمعت أبا بكر الرازى يقول : سمعت أبا عمرو محمد بن الأشعث يقول : فى قوله : { مَاذَآ أُجِبْتُمْ } ؟ قالوا : لا علم لنا كعلمك ، فإنك تعلم ما أظهروا وما أعلنوا وأضمروا ، ونحن لا نعلم إلا ما أظهروا فعلمك فيهم أنفذ . وقال الواسطى رحمة الله عليه : خاطبهم بشاهدهم فثبتوا وأجابوا وسعوا فى أمره ونهيه ، ثم خاطبهم بشاهده فى الآخرة وبالحقيقة فجحدوا أمرهم وأنكروا ذلك حقهم ، لأن ما ستر عنهم لو أظهره لهم فى الدنيا لما أبدوا رسالة ولا قاموا بحق ، وكأنهم قالوا : ما دعونا إلىالذى ظهر ولا قمنا بحق ما أظهرت لنا { لاَ عِلْمَ لَنَآ } . وقال سهل بن عبد الله فى قوله { لاَ عِلْمَ لَنَآ } أى : لا علم لنا بمرادك فى سؤالك وأنت علام الغيوب ، وتلقى الخطاب بالجواب صعب ولا يتلقى خطابه إلا بالجهل والاستكانة والفقر والذلة والخضوع . سمعت محمد بن شاذان يقول : سمعت محمد بن الفضل يقول : فى هذه الآية { لاَ عِلْمَ لَنَآ } أى : لا علم لنا بجواب ما يصلح لهذا السؤال . وقال أيضًا : { لاَ عِلْمَ لَنَآ } إلا علمنا بأنك أنت أعلم بهم منا وليس علمنا كعلمك يا ربنا . وقال بعضهم فى هذه الآية : { مَاذَآ أُجِبْتُمْ } ؟ أى كيف شكركم عن عبادى قالوا : { لاَ عِلْمَ لَنَآ } بالإجابة ، إن شكرنا كذبنا وإن صدقنا شكوا ولا تحتمل قلوبنا أن نشكوا من ضعفاء إلى متكبر جبار ، إنك أنت علام الغيوب ، يستعفون من ذلك بالسؤال قوله : { إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ } . قال بعضهم : قطعهم بذلك عن الشفاعات حتى يستأذنوا فيأذن لمن يشاء بقوله تعالى : { مَن ذَا ٱلَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } [ البقرة : 255 ] .