Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 48-48)
Tafsir: Ḥaqāʾiq at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً } [ الآية : 48 ] . قال بعضهم : كلٌ قد فتح له الطريق إلى الله ، فمن استقام على الطريق وصل إلى الله ومن زاغ وقع فى سبُل الشيطان وضل عن سواء السبيل . وقال أبو يزيد البسطامى رحمة الله عليه فى هذه الآية : كما أنه بذاته يحبهم كذلك يحبون ذاته فإن الإله راجعه إلى الذات دون النعوت والصفات . وسمعت السلامى يقول فى قوله : { يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } بفضل حبه لهم أحبوه ، كذلك ذكرهم بفضل ذكره لهم ذكروه . وقال : الحب شرطه أن يلحقه سكرات المحبة ، فإذا لم يكن كذلك لم تكن فيه حقيقة . وقال يوسف بن الحسين : المحبة : الإيثار . وأنشدنى فى معناه الحسين بن أحمد الرازى قال : أنشدنى أبو على الرُّوذابارى لنفسه : @ سَامَرتُ صفو صبابتى أشجانُها جُزَق الهوى وغليلهُ نيرانُها وسأَلتُ عن فرطِ الصبابةِ قيل لى إيثار حبّك قلت جذب عنانها وكُلٌ لَهُ وبهِ ومنهُ فزينَ وَصف فاوتِرُه فَطاحَ لِسانُها @@ وقال بعضهم : سكون بعد الطلب ، وطلب بعد السكون ، لأن الطلب لا يساكن الأحوال إلا بوجود مراده وهوى محبوبه . [ وقيل : المحبة ارتياح الذات لمشاهدة الصفات ] . وقيل المحبة هى أن تصير ذات المحب صفة المحبوب . وقال بعضهم : المحبون لله هم الذين قطعوا العلائق التى تقطع عن الله من قبل أن تقطعهم . قال الواسطى رحمة الله عليه : بطل حبهم بذكر حبه لهم بقوله { يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } وأنَّى تقع صفات المعلولة من صفات الأزلى الأبدى . وقال الشبلى : المحبة استواء الحب فى الشدة والرخاء ، إذا صح قوله ودعواه . سمعت عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الدارى يقول : سمعت أبا عثمان يقول : إنه قد ذكر حبهم له وحبه لهم ، ثم نعتهم فى حبه لهم فقال : { أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ } فبدأ من نعت المحبة بالتواضع الذى ضده الكبر ، والكبر يتولد من الجهل الذى يؤدى إلى الأمن واليأس . والتواضع يتولد من حقيقة العلم . وقال الجنيد : من أثبت محبته لله من غير شرط محبة الله له ، كان فى دعواه مبطلاً حتى يثبت أولاً محبة الله له ، قال الله تعالى : { فَسَوْفَ يَأْتِي ٱللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } .