Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 59-59)

Tafsir: Ḥaqāʾiq at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ ٱلْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ } [ الآية : 59 ] . قال الجريرى : لا يعلمها إلا هو ومن يطلعه عليها من صفى وخليل وحبيب وولى . قال ابن عطاء فى هذه الآية : يفتح لأهل الخير المحبة والرحمة ، ولأهل الشر الفتنة والمهانة ، ولأهل الولاية الكرامات ، ولأهل السرائر السر ، ولأهل التمكين جذبًا . وقال ابن عطاء : الفتح فى القلوب الهداية وفى الهموم الرعاية وفى الجوارح السياسة . وقال أيضًا : يفتح للأنبياء المكاشفات وللأولياء المعاينات وللصالحين الطاعات وللعامة الهداية . وقال أبو سعيد الخراز فى هذه الآية : أبدأ ذلك لنبيه وحبيبه صلى الله عليه وسلم ففتح عليه أولاً أسباب التأديب ، أدبه بالأمر والنهى ، ثم فتح عليه أسباب التهذيب وهى المشيئة والقدرة ، ثم فتح عليه أسباب التذويب وهو قوله { لَيْسَ لَكَ مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ } [ آل عمران : 128 ] ثم أسباب التغييب وهو قوله : { وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً } [ المزمل : 8 ] فهذه مفاتيح الغيب التى فتحها الله لنبيه صلى الله عليه وسلم . وقال جعفر فى قوله { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ ٱلْغَيْبِ } قال : يفتح من القلوب الهداية ومن الهموم الرعاية ومن اللسان الرواية ومن الجوارح السياسة والدلالة . وقال بعضهم : يفتح لأهل الولاية ولاية وكرامة ، ولأهل السر سر أبعد سر ، ولأهل التمكين جذبًا وتقريبًا ، ولأهل الإهانة بعدًا وتصريفًا ، ولأهل السخط حجبًا وتبعيدًا . قوله تعالى : { وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا } [ الآية : 59 ] . قال الواسطى رحمة الله عليه : متى يعلمها ؟ حين لا متى ! أقبل نضرتها وخضرتها ودهائها حتى لا يوجد منها شىء فما ستر من صفاته وما ظهر واحد ، إذا كان ذلك على قدر الكون ، إنما نتكلم بأقدارنا ونشير بأخطارنا ، ولو كان بقدره كان الهلاك . قوله تعالى : { وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } . فالاضطراب أن تقدم ما أخر أو تؤخر ما قدَّم ، منازعة لربوبيته وخروجًا عن عبوديته . وقال فى قوله : { وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا } قال : هى فى الأصل لا وزن لها لأنها اخضرت ثم اصفرت ثم يبست ومرت ، إنها الإشارة إليها لطفًا ، لأن ما دونها فى القلة ، وما فوقها فى الرتبة ، بمنزلة لا زيادة فى وجودها ، ولا نقصان فى فقدها . وقال بعضهم : من مفاتيح غيبه ما قذف فى قلبك من نور معرفته ، وبسط فيه بساط الرضا بقضائه وجعله موضع نظره .