Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 24-24)

Tafsir: Laṭāʾif al-išārāt bi-tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

شَبّهَ الحياةَ الدنيا بالماء المُنَزَّلِ من السماء يَنْبُتُ به النباتُ وتَخْضَرُّ الأرضُ وتَظْهَرُ الثمار ، ويوطِّن أربابُها عليها نفوسَهم فتصيبهم جائحةٌ سماوية بغتةً ، وتصير كأن لم تكن . كذلك الإنسانُ بعد كمال سِنِّه وتمام قُوَّتِه واستجماع الخصال المحمودة فيه تخْتَرمُه المَنِيَّة ، وكذلك أموره المنتظمةُ تبطل وتختلُّ لوفاته ، كما قيل : @ فَقَدْنَاه لمَّا تمَّ واختمَّ بالعُلَى كذاك كسوفُ البدرِ عند تمامه @@ ومن وجوه تشبيه الأحوال الدنيوية بالماء المُنَزَّلِ من السماء أن المطرَ لا ينزل بالحيلة ، كذلك الدنيا لا تساعدها إلا القسمة . ثم إن المطر إن كان لا يجيء إلا بالتقدير فقد يُسْتَسْقَى … كذلك الرزق - وإنْ كان بالقسمة - فقد يُلْتَمَسُ من الله ويُسْتَعْطى . ومنها أن الماء في موضعه سببُ حياة الناس ، وفي غير موضعه سببُ خرابِ الموضع ، كذلك المال لمستحقه سببُ سلامته ، وانتفاع المتصلين به ، وعند مَنْ لا يستحقه سبب طغيانِه ، وسببُ بلاءِ مَنْ هو متصل به ، كما قيل : نِعَمُ الله لا تُعاب ولكنه ربما استعجم على إنسان ، وكما قيل : @ يا دولةً ليس فيها من المعالي شظيَّةْ زولى فما أنتِ إلا على الكرام بَلِيَّةْ @@ ومنها أن الماء إذا كان بمقدارٍ كان سببَ الصلاح ، وإذا جاوز الحدَّ كان سببَ الخراب … كذلك المال إذا كان بقَدْرِ الكفاية والكفاف فصاحبه مُنَعَّمٌ ، وإذا زاد وجاوز الحدَّ أوجب الكُفران والطغيان . ومنها أن الماءَ ما دام جارياً كان طيباً ، فإذا طال مكثه تغيَّر … كذلك المال إذا أنفقه صاحبُه كان محموداً ، فإذا ادَّخَره وأمسكه كان معلولاً مذموماً . ومنها أن الماءَ إذا كان طاهراً كان حلالاً يصلح للشرب ويصلح للطهور ولإزالة الأذى ، وإذا كان غيرَ طاهرٍ فالبعكس … كذلك المال إذا كان حلالاً ، وبعكسه لو كان حراماً . ويقال كما أن الربيعَ تتورد أشجارُه ، وتظهر أنوارُه ، وتخضرُّ رِباعُه ، وتتزين بالنبات وِهَادُه وتِلاعه لا يُؤْمَن أَنْ تصيبه آفة من غير ارتقاب ، وينقلب الحال بما لم يكن في الحساب . كذلك مِنَ الناسِ مَنْ تكون له أحوالٌ صافية ، وأعمالٌ بشرط الخلوص زاكية ؛ غصونُ أُنسِه مُتَدَلِّية ، ورياضُ قربِه مونقةٌ … ثم تصيبه عَيْنٌ فيذبل عودُ وِصاله ، وتنسدُّ أبوابُ عوائد إقباله ، كما قيل :