Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 52-54)

Tafsir: Laṭāʾif al-išārāt bi-tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله جلّ ذكره : { ذٰلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِٱلْغَيْبِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ ٱلْخَائِنِينَ } . إنما أراد اللَّهُ أن يُظْهِرَ براءةَ ساحةِ يوسف ، لأنه علم أنهم يستحقون العقوبة على ما يبسطون فيه من لسان الملامة وذكر القبيح ، ولم يُرِدْ يوسف أن يصيبَهم بسببه - من قِبلِ اللَّهِ - عذابٌ شَفَقَةً منه عليهم ، وهذه صفةُ الأولياءِ : أن يكونوا خَصْمَ أَنْفسِهم ، ولهذا قيل : الصوفي دمه هَدرٌ ومِلْكُه مُبَاحُ - ولذلك قال : { وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِيۤ إِنَّ ٱلنَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِٱلسُّوۤءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيۤ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ } . لمَّا تمدَّح بقوله : { ذٰلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِٱلْغَيْبِ } كأنه نودي في سِرِّه : ولا حين همَمْتَ ؟ فقال : : { وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِيۤ } . ويقال : قوله : { لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِٱلْغَيْبِ } بيانُ الشكر على ما عصمه الله ، وقوله : { وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِيۤ } بيانُ العُذْرِ لما قصَّر في أمر الله ، فاستوجب شكرُه زيادةَ الإحسان ، واستحقَّ بعذره العفوَ . والعفو بادٍ من قوله : { وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ ٱلْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ } . لما اتضحت للملِك طهارةُ فِعْلِه ونزاهةُ حالِه استحضره لاستصفائه لنفسه ، فلمَّا كَلَّمَه وسَمِعَ بيانَه رَفَعَ مَحلَّه ومكانه ، وضمنه بِرَّه وإحسانَه ، فقال : { إِنَّكَ ٱلْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ } .