Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 17-17)
Tafsir: Laṭāʾif al-išārāt bi-tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذه الآية تشتمل على أمثالٍ ضربها اللَّهُ لتشبيه القرآنِِ المُنَزَّلِ بالماءِ المُنَزَّلِ من السماء ، وشبَّه القلوب بالأودية ، وشبَّه وساوسَ الشيطان وهواجسَ النَّفْس بالزَّبِّدِ الذي يعلو الماء ، وشبَّه الخُلُق بالجواهر الصافية من الخَبَثِ كالذهب والفضة والنحاس وغيرها . وشبَّه الباطلَ بِخَبَثِ هذه الجواهر . وكما أن الأودية مختلفة في صغرها وكبرها وأن بقدرها تحتمل الماء في القلة والكثرة - كذلك القلوبُ تختلف في الاحتمال على حسب الضعف والقوة . وكما أَن السيلَ إذا حَصَلَ في الوادي يُطَهِّرُ الوادي فكذلك القرآن إذا حصل حِفْظُه في القلوب نَفَى الوساوسَ والهوى في الوادي عنها ، وكما أَنَّ الماءَ قد يصحبه ما يكدره ، يخلص بعضه مما يشوبه - فكذلك الإيمان وفَهُمْ القرآن في قلوب المؤمنين حين تخلص من نَزَغَاتِ الشيطان ومن الخواطر الرَّدِيَّة ، فالقلوب بين صافٍ وكَدِرٍ . وكما أنَّ الجواهَر التي تتخذ منها الأواني إذا أذيبت خَلَصَتْ من الخَبَثِ كذلك الحق يتميز من الباطل ، ويبقى الحقُّ ويضمحل الباطل . ويقال إن الأنوار إذا تلألأت في القلوب نَفَت آثار الكلفة ، ونور اليقين ينفي ظلمة الشك ، والعلم ينفي تهمة الجهل ، ونور المعرفة ينفي أثر النكرة ، ونور المشاهدة ينفي آثار البشرية ، وأنوار الجمع تنفي آثار التفرقة . وعند أنوار الحقائق تتلاشى آثار الحظوظ ، وأنوارُ طلوعِ الشمس من حيث العرفان تنفي سَدَفَةَ الليل من حيث حسبان أثر الأغيار . ثم الجواهر التي تتخذ منها الأواني مختلفة فَمِنْ إناءٍ يتخذ من الذهب وآخر من الرصاص ، إلى غيره ، كذلك القلوب تختلف ، وفي الخبر : " إن لله تعالى أوانيَ وهي القلوب " ؛ فزاهد قاصدٌ ومحب واجِدٌ ، وعابدٌ خائفٌ ومُوحِّدٌ عارفٌ ، ومتعبِّدٌ متعفِّفٌ ومتهجِّدٌ متصوف ، وأنشدوا :