Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 51-60)
Tafsir: Laṭāʾif al-išārāt bi-tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله جلّ ذكره : { وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاماً } . أَلا عرِّفهم كيف كانت فتوة الخليل في الضيافة ، وقيامه بحقِّ الضيفان ، وكان الخليلُ عليه السلام يقوم بنفسه بخدمة الضيفان ، فلمَّا سلموا من جانبهم وردَّ عليهم وانْفَضُّوا عن تناولِ طعامِه : قوله جلّ ذكره : { قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ } . وَجلون أي خائفون ، فإنَّ الإمساكَ عن تناول طعام الكرام موضعٌ للريبة . ولمَّا عَلِمَ أنهم ملائكة خاف أن يكونوا نزلوا لتعذيب قومه إذ كانوا مجرمين . ولكن سكن رَوْعُه عندما قالوا له : قوله جلّ ذكره : { قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ } . فليس لك موضِعٌ للوَجَلِ لكن موضِعٌ للفَرَجِ ؛ فإنا جئناك مُبَشِّرين ، وإن كُنَّا لغيرِكَ مُعَذِّبين . نحن { نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ } : أي يعيش حتى يعلم ، لأن الطفل ليس من أهل العلم ، وكانت بشارتُهم بالوَلَدِ وببقاءِ الولد هي العجب فقال : { قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَىٰ أَن مَّسَّنِيَ ٱلْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِٱلْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ ٱلْقَانِطِينَ قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ ٱلضَّآلُّونَ } . قال أبشرتموني وقد مسَّني الكِبَرُ ؟ وإنَّ الكبير قد فاته الوقت الذي يفرح فيه من الدنيا بشيء . بماذا تبشروني وقد طَعَنْتُ في السنِّ ، وعن قريب أرتحل إلى الآخرة ؟ قالوا : بشرناك بالحق فلا تكن من جملة من يقنط من رحمة الله ، ولا يقنط من رحمة ربه إلا من كان ضالاً . قال : كيف أخطأ ظنكم فيّ فتوهمتم أني أقنط من رحمة ربي ؟ فلما فرغ قلبه من هذا الحديث ، وعرف أنه لن يُصيبَه ضررٌ منهم سألهم عن حالهم : قوله جلّ ذكره : { قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا ٱلْمُرْسَلُونَ قَالُواْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ قَدَّرْنَآ إِنَّهَا لَمِنَ ٱلْغَابِرِينَ } . قال ما شأنكم ؟ وإلى أين قصدكم ؟ قالوا : أُرْسِلْنا لعذاب قوم لوط ، ولننجيَ أهله إلا امرأته لمشاركتها معهم في الفساد ، وكانت تدل على أضيافه ، فاستوجبت العقوبة . فلمَّا وافى المرسلون من آل لوطٍ أنكرهم لأنه لم يجدهم على صورة البشر ، وتفرَّس فيهم على الجملة أنهم جاءوا لأمرٍ عظيم ، قالوا : بل جئناكَ بما كان قومُك يَشُكُّونَ فيه مِنْ تعذيبنا إياهم ، وآتيناك بالحق ، أي بالحكم الحق .