Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 90-90)

Tafsir: Laṭāʾif al-išārāt bi-tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

العدل ما هو صواب وحسن ، وهو نقيض الجور والظلم . أمر اللَّهُ الإنسانَ بالعدل فيما بينه وبين نفسه ، وفيما بينه وبين ربه ، وفيما بينه وبين الخَلْق ؛ فالعدلُ الذي بينه وبين نفسه مَنْعُها عما فيه هلاكُها ، قال تعالى : { وَنَهَى ٱلنَّفْسَ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } [ النازعات : 40 ] ، وكمالُ عدلِه مع نفسه كيُّ عُروقِ طمعِه . والعدلُ الذي بينه وبين ربِّه إيثارُ حقِّه تعالى على حظِّ نفسه ، وتقديمُ رضا مولاه على ما سواه ، والتجرد عن جميع المزاجر ، وملازمة جميع الأوامر . أو العدل الذي بينه وبين الخَلْق يكون ببذل النصيحة وترك الخيانة فيما قل أو كثر ، والإنصاف بكل وجه وألا تَشِيَ إلى أحد بالقول أو بالفعل ، ولا بِالهَمِّ أو العزم . وإذا كان نصيبُ العوام بَذْلَ الإنصافَ وكَفَّ الأذى فإِنَّ صفةَ الخواص تَرْكُ الانتصاف ، وإسداءُ الإِنْعَام ، وتَرْك الانتقام ، والصبرُ ، على تَحَمُّلِ ، ما يُصيبُكَ من البلوى . وأما الإحسان فيكون بمعنى العلم - والعلمُ مأمورٌ به - أي العلم بحدوثِ نَفْسه ، وإثباتِ مُحْدِثه بصفات جلاله ، ثم العلم بالأمور الدينية على حسب مراتبها . وأما الإحسانُ في الفعل فالحَسَنُ منه ما أمر الله به ، وأَذِنَ لنا فيه ، وحَكَمَ بمدح فاعله . ويقال الإحسان أن تقوم بكل حقِّ وَجَبَ عليك حتى لو كان لطيرٍ في مِلكِك ، فلا تقصر في شأنه . ويقال أن تَقْضِيَ ما عليك من الحقوق وألا تقتضِيَ لك حقاً من أحد . ويقال الإحسان أن تتركَ كل ما لَكَ عند أحد ، فأما غير ذلك فلا يكون إحساناً . وجاء في الخبر : " الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه " وهذه حال المشاهدة التي أشار إليها القوم . قوله : { وَإِيتَآءِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ } إعطاء ذي القرابة ، وهو صلةُ الرَّحِمِ ، مع مُقاساةِ ما منهم من الجَوْرِ والجفاءِ والحَسَدِ . { وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاءِ وَٱلْمُنْكَرِ } : وذلك كلُّ قبيح مزجورٍ عنه في الشريعة .