Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 77-78)
Tafsir: Laṭāʾif al-išārāt bi-tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله جل ذكره : { فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَآ أَتَيَآ أَهْلَ قَرْيَةٍ ٱسْتَطْعَمَآ أَهْلَهَا فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً } . كان واجباً في ملتهم على أهل القرية إطعامهما ، ولم يعلم موسى أنه لا جدوى من النكيرعليهم ؛ ولو كان أَغْضَى على ذلك منهم لكان أحسن . فلمَّا أقام الخضر جدارهم ولم يطلب عليه أجراً لم يقل موسى أنك قُمْتَ بمحظور ، ولكنه قال له : { لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً } أي إن لم تأخذ بسببك فلو أخذت بسببنا لكان أَخْذُكَ خيراً لنا من تركك ذلك ، ولئن وَجَبَ حقُّهم فَلِمَ أخللتَ بحقنا ؟ ويقال إنَّ سَفَرَه ذلك كان سفرَ تأديب فَرُدَّ إلى تَحَمُّلِ المشقة ، وإلاَّ فهو حين سقى لبنات شعيب فإنَّ ما أصابه من التعبِ وما كان فيه من الجوع كان أكثر ، ولكنه كان في ذلك الوقت محمولاً وفي هذا الوقت مُتَحَمِّلاً . فلما قال موسى هذا قال له الخضر : قوله جل ذكره : { قَالَ هَـٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً } . أي بعد هذا فلا صحبة بيننا . ويقال قال الخضر إِنَّك نبيٌّ … وإنما أؤاخذك بما قُلْتَ ، فأنت شَرَطْتَ هذا الشرط ؛ وقلتَ : إِنْ سألتُك عن شيء بعدها فلا تصاحبني ، وإنما أعاملك بقولك . ويقال لمّا لم يصبر موسى معه في تَرْكِ السؤال لم يصبر الخضرُ أيضاً معه في إدامة الصحبة فاختار الفراق . ويقال ما دام موسى عليه السلام سأله لأجل الغير - في أمر السفينة التي كانت للمساكين ، وقَتْلِ النَّفْس بغير حق - لم يفارقه الخضر ، فلمَّا صار في الثالثة إلى القول فيما كان فيه حَظٌ لنفسه من طلب الطعام ابْتُلِيَ بالفرقة ، فقال الخضر : { هَـٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ } . ويقال كما أن موسى - عليه السلام - كان يحب صحبة الخضر لما له في ذلك من غرض الاستزاده من العلم فإن الخضر كان يحب تَرْكَ صحبة موسى عليه السلام إيثاراً للخلوة بالله عن المخلوقين .