Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 155-156)
Tafsir: Laṭāʾif al-išārāt bi-tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ابتلاهم بالنعمة لِيُظْهِرَ شكرهم ، وابتلاهم بالمحنة ليظهر صبرهم ، فلما أدخل المعلوم من حالهم في الوجود ، ورسمهم بالرقم الذي قَسَمَه ، وأثبتهم على الوصف الذي علمه ، ( ابتلاهم ) بالخوف وفيه تصفية لصدورهم ، وبالجوع وفيه تنقية لأبدانهم ، وبنقص من الأموال تزكو به نفوسهم ، وبمصائب النفوس يعظم بها عند الله أجرهم ، وبآفة الثمرات يتضاعف من الله خلفهم . { وَبَشِّرِ ٱلصَّابِرِينَ } يعني الذين لا اعتراض لهم على تقديره فيما أمضاه . ويقال طالبهم بالخوف ( ابتعاداً ) عن عقوبته ثم بمقاساة الجوع ابتغاء قربته وكرامته ، ونقصٍ من الأموال بتصَدُّقِ الأموال والخروج عنها طلباً للخير منه بحصول معرفته . " والأنفس " تسليماً لها إلى عبادته " والثمرات " القول بترك ما يأملونه من الزوائد في نعمته { وَبَشِّرِ ٱلصَّابِرِينَ } على استحسان قضيته ، والانقياد لجريان قدرته . ومطالبات الغيب إما أن تكون بالمال أو بالنفس أو بالأقارب ؛ فمن أوقف المال لله فله النجاة ، ومن بذل لحكمه النَّفْسَ فله الدرجات ، ومن صبر عند مصائب الأقارب فله الخلف والقُرُبات ، ومن لم يدخر عنه الروح فله دوام المواصلات . قوله جلّ ذكره : { ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ } … الآية . قابلوا الأمر بالصبر لا بل بالشكر لا بل بالفرح والفخر . ومن طالع الأشياء مِلْكاً للحق رأى نفسه أجنبياً بينه وبين حكمه ؛ فمِنشِئُ الخَلْقِ أولى بالخَلْق من الخَلْق . ويقال من شهد المصائب شهد نفسه لله وإلى الله ، ومن شاهد المُبْلِي عَلِمَ أن ما يكون من الله فهو عبد بالله ، وشتان بين من كان لله وبين من كان بالله ؛ الذي كان لله فصابرٌ واقفٌ ، والذي هو بالله فساقط الاختيار والحكم ، إنْ أثبته ثَبَتَ ، وإنْ محاه انمحى ، وإنْ حرَّكه تحرك ، وإن سَكَّنَه سَكَن ، فهو عن اختياراته فانٍ ، وفي القبضة مُصْرَّفٌ .