Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 200-200)

Tafsir: Laṭāʾif al-išārāt bi-tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله جلّ ذكره : { فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَّنَاسِكَكُمْ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَآءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً } . { قَضَيْتُمْ مَّنَاسِكَكُمْ } إشارة إلى القيام بحق العبودية . { فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَآءَكُمْ } إشارة إلى القيام بحق المحبة . قضاء المناسك قيامٌ بالنفس . { فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَآءَكُمْ } قيامٌ له بالقلب على استدامة الوقت واستغراق العمر . ويقال كما أنَّ الأغيار يفتخرون بآبائهم ، ويستبشرون بأسلافهم فَلْيَكُنْ افتخاركم بنا واستبشاركم بنا . ويقال إن كان لآبائكم عليكم حقُّ التربية فحقُّنا عليكم أوجب ، وأفضالنا عليكم أتم . ويقال إن كان لأسلافكم مآثر ومناقب ، فاستحقاقنا لنعوت الجلال فوق ما لآبائكم من حسن الحال . ويقال إنك لا تملُّ ذكر أبيك ولا تنساه على غالب أحوالك ، فاسْتَدِمْ ذِكرنا ، ولا تَعْترِضَنَّكَ ملالة أو سآمة أو نسيان . ويقال إنْ طَعَنَ في نَسَبِكَ طاعِنٌ لم ترضَ فكذلك ما تسمع من أقاويل أهل الضلال والبِدَعِ فَذُبَّ عنَّا . ويقال الأبُ يُذكَرُ بالحرمة والحشمة فكذلك اذكرنا بالهيبة مع ذكر لطيف القربة بحسن التربية . وقال { كَذِكْرِكُمْ آبَآءَكُمْ } ولم يقل أمهاتكم لأن الأب يُذكَر احتراماً والأم تُذكَر شفقةً عليها ، والله يَرْحَم ولا يُرْحَم . { أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً } لأن الحقَّ أحقُّ ، ولأنك قد تستوحش كثيراً عن أبيك ، والحقُّ سبحانه مُنَزَّهٌ عن أن يخطر ببال من يعرفه أنه بخلاف ما يقتضي الواجب حتى إن كان ذرة . وقوله { كَذِكْرِكُمْ آبَآءَكُمْ } الأب على ما يستحقه والرب على ما يستحقه . قوله جلّ ذكره : { فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَآ آتِنَا فِي ٱلدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ } . خطاب لو قاله مخلوقٌ لَكَ كان شاكراً ، ولو أنه شكا منك كما شكا إليك لساءت الحالة ، ولكن بفضله أَحَلَّكَ محل أن يشكو إليك فقال : مِنَ الناس من لا يجنح قلبه إلينا ، ويرضى بدوننا عنَّا ، فلا يبصر غير نفسه وحظِّه ، ولا يمكن إيمان له بربه وحقِّه .