Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 23-24)

Tafsir: Laṭāʾif al-išārāt bi-tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لبَّس على بصائر الأجانب حتى لم يشهدوا حبيبه صلوات الله عليه ، فتاهوا في أدوية الظنون لما فقدوا نور العناية ، فلم يزدد الرسول عليهم إتياناً بالآيات ، وإظهاراً من المعجزات إلا ازدادوا ريباً على ريب وشَكًّا على شك ، وهكذا سبيل من أعرض عن الحق سبحانه ، لا يزيده ضياء الحجج إلا عمًى عن الحقيقة ؛ قال الله تعالى : { وَمَا تُغْنِى الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ } [ يونس : 101 ] ، وليبلغ عليهم في إلزام الحجة عرّفهم عجزهم عن معارضة ما آتاهم من معجزة القرآن الذي قهر الأنام من أولهم إلى آخرهم ، وقدَّر عليهم أنهم لو تظاهروا فيما بينهم ، واعتضدوا بأشكالهم ، واستفرغوا كُنْه طاقتهم واحتيالهم لم يقدروا على الإتيان بسورة مثل سورة القرآن . ثم قال : { فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا } وأخبر أنهم قطعاً لا يقدرون على ذلك ولا يفعلون فقال : { وَلَن تَفْعَلُوا } فكان كما قال - فانظروا لأنفسكم ، واحذروا الشِّرْكَ الذي يوجب لكم عقوبة النار التي من سطوتها بحيث وقودها الناس والحجارة ، فإذا كانت تلك النار التي لا تثبت لها الحجارة مع صلابتها ( ) فكيف يطيقها الناس مع ضعفهم ، وحين أشرفت قلوب المؤمنين على غاية الإشفاق من سماع ذكر النار تداركها بحكم التثبيت فقال : { أُعِدَّتْ للكَافِرِينَ } ففي ذلك بشارة للمؤمنين . وهذه سُنَّةٌ من الحق سبحانه : إذا خوَّف أعداءه بَشَّر مع ذلك أولياءه . وكما أنَّ كيد الكافرين يضمحل في مقابلة معجزات الرسل عليهم السلام فكذلك دعاوى المُلْبِسين تتلاشى عند ظهور أنوار الصديقين ، وأمارةُ المُبْطِل في دعواه رجوعٌ الزجر منه إلى القلوب ، وعلامة الصادق في معناه وقوع القهر منه على القلوب . وعزيزٌ من فصّل وميَّز بين رجوع الزجر وبين وقوع القهر .