Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 255-255)

Tafsir: Laṭāʾif al-išārāt bi-tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله جلّ ذكره : { ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ } . " الله " اسم تفرّد به الحق - سبحانه فلا سمِيّ له فيه . قال الله تعالى : { هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً } [ مريم : 65 ] اي هل تعرف أحداً غيره تسمَّى " الله " ؟ . من اعتبر في هذا الاسم الاشتقاق فهو كالمتعارض ، فهذا اسم يدل على استحقاق صفات الجلال لا على اشتقاق الألفاظ ، فلا يعارض ما لا يعارض فيه من الأقوال . قوله : { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } : إخبار عن نفي النظير والشبيه ، بما استوجب من التقديس والتنزيه . ومن تحقق بهذه القالة لا يرى ذَرّةً من الإثبات بغيره أو من غيره ؛ فلا يرفع إلى غيره حاجته ، ولا يشهد من غيره ذرة ، فَيَصْدُقُ إليه انقطاعه ، ويديم لوجوده انفرادَه ، فلا يسمع إلا من الله وبالله ، ولا يشهد إلا بالله ، ولا يُقْبِلْ إلا على الله ، ولا يشتغل إلا بالله ، فهو محوٌ عما سِوى الله ، فَمَالَهُ شكوى ولا دعوى ، ولا يتحرك منه لغيره عِرْقٌ ، فإذا استوفى الحق عبداً لم يَبْقَ للحظوظ - ألبتة - مساغ . ثم إن هذه القالة تقتضي التحقق بها ، والفناء عن الموسومات بجملتها ، والتحقق بأنه لا سبيل لمخلوق إلى وجود الحق - سبحانه ، فلا وصل ولا فصل ولا قُرْبَ ولا بُعدَ ، فإن ذلكَ أجمعَ آفاتٌ لا تليق بالقِدَم . وقوله : { ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ } : المتولي لأمور عباده ، القائم بكل حركة ، و ( المحوي ) ، لكل عين وأثر . { لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ } لأنه أحدي لا ترهقه غفلة ، وصمد لا تمسه علة ، وعزيز لا تقاربه قلة ، وجبار لا تميزه عزلة ، وفَرْدٌ لا تضمه جثة ، ووتر لا تحده جهة ، وقديم لا تلْحَقُه آفة ، وعظيم لا تدركه مسافة . تَقَدَّس مِنْ جمالِه جلالُه ، وجلالُه جمالُه ، وسناؤه بهاؤه ، وبهاؤه سناؤه ، وأزله أبده ، وأبده سرمده ، وسرمدهِ قدَمُه ، وقدمه وجوده . قوله جلّ ذكره : { لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } مِلْكاً وإبداعاً ، وخَلْقاً واختراعاً . { مَن ذَا ٱلَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } . من ذا الذي يتنفس بنَفَس ( … ) إلا بإجرائه ، أو يتوسل إليه من دون إذنه وإبدائه . ومن ظنَّ أنه يتوسل إليه باستحقاقٍ أو عمل ، أو تذلل أو أمل ، أو قربة أو نسب ، أو علة أو سبب - فالظنُّ وطنه والجهل مألفه والغلظ غايته والبعد قُصاراه . قوله جلّ ذكره : { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ } لأنه لا يخرج عن علمه معلوم ، ولا يلتبس عليه موجود ولا معدوم . { وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَآءَ } . يعني من معلوماته ، أي تقاصرت العلوم عن الإحاطة بمعلوماته إلا بإذنه . فأي طمع لها في الإحاطة بذاته وحقه ؟ وأَنَّى تجوز الإحاطة عليه وهو لا يقطعه في عِزِّه أَمَد ، ولا يدركه حَدٌّ ؟ ! . قوله جلّ ذكره : { وَسِعَ كُرْسِيُّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } . خطاب لهم على قدر فهمهم . وإلا فأي خَطَرٍ للأكوان عند صفاته ؟ جلَّ قَدْرُه عن التعزز بعرش أو كرسي ، والتجمل بجنٍ أو إنْسِي . قوله جلّ ذكره : { وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْعَظِيمُ } . كَيف تُتْعِبُ المخلوقاتُ مَنْ خَلْقُ الذرة والكونِ بجملته - لو سواء ؛ فلا من القليل له تَيَسُّر ، ولا من الكثير عليه تَعَسُّر .