Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 260-260)
Tafsir: Laṭāʾif al-išārāt bi-tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قيل كان في طلب في زيادة اليقين ، فأراد أن يقرن حق اليقين بما كان له حاصلاً من عين اليقين . وقيل استجلب خطابه بهذه المقالة إلى قوله سبحانه : { أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ } كنت أومن ولكني اشتقتُ إلى قولك لي : أَوَلم تؤمن ، فإن بقولك لي : { أَوَلَمْ تُؤْمِن } تطميناً لقلبي . والمحبُّ أبداً يجتهد في أن يجد خطاب حبيبه على أي وجه أمكنه . وقيل : إنه طلب رؤية الحق سبحانه ولكن بالرمز والإشارة فَمُنِعَ منها بالإشارة بقوله { وَٱعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } . وإن موسى - عليه السلام - لما سأل الرؤية جهراً وقال : { رَبِّ أَرِنِيۤ أَنظُرْ إِلَيْكَ } [ الأعراف : 143 ] فَرُدَّ بالجهر صريحاً وقيل له { لَن تَرَانِي } [ الأعراف : 143 ] . وقيل إنما طلب حياة قلبه فأُشير إليه بأن ذلك بذبح هذه الطيور ، وفي الطيور الأربعة طاووس ، والإشارة إلى ذبحه تعني زينة الدنيا ، وزهرتها ، والغراب لحِرْصِه ، والديك لمشيته ، والبط لطلبه لرزقه . ولما قال إبراهيم عليه السلام { أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ } ؟ قيل له : وأرني كيف تذبح الحي ؟ يعني إسماعيل ، مطالبة بمطالبة . فلمَّا وَفَّى بما طولب به وفَّى الحق سبحانه بحكم ما طلب . وقيل كان تحت ميعاد من الحق - سبحانه - أن يتخذه خليلاً ، وأمارة ذلك إحياء الموتى على يده ، فجرى ما جرى . ووصل بين قصة الخليل صلى الله عليه وسلم فيما أراه وأظهره على يده من إحياء الموتى وبين عُزَير إذ أراه في نفسه ؛ لأن الخليل يَرْجُح على عزير في السؤال وفي الحال ، فإن إبراهيم - عليه السلام - لم يَرُدَّ عليه في شيء ولكنه تَلَطَّف في السؤال ، وعُزَير كلمه كلام من يُشْبِه قولُه قولَ المسْتَبْعِد ، فأراد الحق أن يظهر له أقوى معجزة وأتمَّ دلالة حيث أظهر إحياءَ الموتى على يده حين التبس على نمرود ما قال إبراهيم - عليه السلام - ربي الذي يحيي ويميت ، فقال : { أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ } أراد إبراهيم أن يُرِيَه الله سبحانه إحياء الموتى ليعلم أنه ليس هو الذي ادَّعى . وفي هاتين الآيتين رخصة لمن طلب زيادةَ اليقين من الله سبحانه وتعالى في حال النظر . ويقال إن إبراهيم أراد إحياء القلب بنور الوصلة بحكم التمام ، فقيل له : { أَوَلَمْ تُؤْمِن } يعني أما تذكر حال طلبك إيانا حين كنت تقول لكل شيء رأيته { هَـٰذَا رَبِّي } [ الأنعام : 77 ] فلم تَدْرِ كيف بَلَّغْنَاكَ إلى هذه الغاية ، فكذلك يوصلك إلى ما سَمَتْ إليه هِمَّتُك . والإشارة من هذا أن حياة القلب لا تكون إلا بذبح هذه الأشياء يعني النفس ؛ فَمَنْ لم يذبح نفسه بالمجاهدات لم يَحْيَى قلبُه بالله . وفيه إشارة أيضاً وهو أنه قال قَطِّعْ بيدك هذه الطيور ، وفَرِّقْ أجزاءها ، ثم ادْعُهُنَّ يأتينك سعياً ، فما كان مذبوحاً بيد صاحب الخلة ، مقطعاً مُفَرَّقاً بيده - فإذا ناداه استجاب له كل جزء مُفَرَّق … كذلك الذي فَرَّقه الحق وشتَّته فإذا ناداه استجاب :