Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 31-31)
Tafsir: Laṭāʾif al-išārāt bi-tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
عموم قوله الأسماء يقتضي الاستغراق ، واقتران قوله سبحانه بكُلها يوجب الشمول والتحقيق ، وكما علّمه أسماء المخلوقات كلها - على ما نطق به تفسير ابن عباس وغيره - علَّمه أسماء الحق سبحانه ، ولكن إنما أظهر لهم محل تخصصه في علمه أسماء المخلوقات وبذلك المقدار بأن رجحانه عليهم ، فأما انفراده بمعرفة أسمائه - سبحانه - فذلك سِرٌّ لم يَطَّلِع عليه مَلَكٌ مُقَرَّب . ومن ليس له رتبة مساواة آدم في معرفة أسماء المخلوقات فأي طمعٍ في مداناته في أسماء الحق ، ووقوفه على أسرار الغيب ؟ وإذا كان التخصيص بمعرفة أسماء المخلوقات يتقضى أن يصحَّ ( به سجود ) الملائكة فما الظن بالتخصيص بمعرفة أسماء الحق سبحانه ؟ ما الذي يُوجَبُ لِمَنْ أُكْرِمَ به ؟ ويقال خصوصية الملائكة بالتسبيح والتقديس وهذه طاعات تليق بالمخلوقين ؛ فإنَّ الطاعةَ سِمَةُ العبيد ولا تتعداهم ، والعلم في الجملة صفة مدح يجب في نعت الحق سبحانه واجباً لا يصحُّ لغيره ، فالذي يُكْرِمهُ بما يتصف هو سبحانه ( بيانه وإن كان للمساواة أتم من الكرام بما يكون مخلوقاً على جنس المخلوقات ) . ويقال أكرمه في السر بما علَّمه ثم بيَّن تخصيصه يوم الجهر وقدَّمه . ويقال قوله : { ثُمَّ عَرَضَهُمْ } ثم : حرف تراخٍ ومهلة … إمّا على آدم ؛ فإنه أمهله من الوقت ما تقرر ذلك في قلبه ، وتحقق المعلوم له بحقه ثم حينئذٍ استخبره عما تحقَّق به واستيقنه . وإمّا على الملائكة ؛ فقال لهم على وجه الوهلة : " أنبئوني " فلمَّا لم يتقدم لهم تعريف تحيَّروا ، ولمَّا تقدم لآدم التعليم أجاب وأخبر ، ونطق وأفلح ، إظهاراً لعنايته السابقة - سبحانه - بشأنه . وقوله : { إِن كُنْتُمْ صَٰدِقِينَ } فيه إشارة إلى أنهم تَعَرَّضوا لدعوى الخصوصية ، والفضيلة والمزية على آدم ، فعرَّفهم أن الفضل ليس بتقديم تسبيحهم لكنه في قديم تخصيصه . ولمَّا عَلِمَ الحقُّ سبحانه تَقَاصُرَ علومهم عن معرفة أسماء المخلوقات ثم كلَّفهم الإِنباء عنها صار فيه أوضح دلالة على أنَّ الأمر أمرهُ ، والحكمَ حُكمُه ، فَلَهُ تكليف المستطيع ، ردَّاً على من تَوَهَّمَ أن أحكام الحق سبحانه مُعَلَّلَة باستحسان أرباب الغفلة بما يدعونه من قضايا العقول ، لا بل له أن يلزم ما يشاء لمن يشاء ، الحَسَنُ ما حكم بتحسينه والقبيح ما حكم بتقبيحه .