Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 40-40)
Tafsir: Laṭāʾif al-išārāt bi-tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله جلّ ذكره : { إِذْ تَمْشِيۤ أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَىٰ أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها } . البلاء على حَسَبِ قوة صاحبه وضعفه ، فكلما كان المرء أقوى كان بلاؤه أوفى ، وكلما كان أضعف كان بلاؤه أخف . وكانت أمُّ موسى ضعيفةً فَرَدَّ إليها وَلَدَها بعد أيام ، وكان يعقوبُ أقوى في حاله فلم يُعِدْ إليه يوسفَ إلا بعد سنين طويلة . قوله جلّ ذكره : { وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ ٱلْغَمِّ } . أجرى اللَّهُ عليه ما هو في صورةِ كبيرةٍ من قَتْلِ النَّفْسِ بغير حق ، ثم بيَّن اللَّهُ أنه لا يضره ذلك ، فليست العِبْرَةُ فعل العبد في قلَّته وكثرته إنما العِبرةُ بعناية الحقِّ بشأنِ أحدٍ أو عداوته . ويقال قد لا يموت كثيرٌ من الخلْقِ بفنون من العذابِ ، وكم من أناس لا يموتون وقد ضُرِبُو ألوفاً من السياط ! وصاحبُ موسى عليه السلام ومقتولُه مات بوكزةٍ ! إيش الذي أوجب وفاته لولا أنه أراد به فتنةً لموسى ؟ وفي بعض الكتب أنه - سبحانه - أقام موسى كذا وكذا مقاماً ، وأسمعه كلامه كل مرة بإسماع آخر ، وفي كل مرة كان يقول له : { وَقَتَلْتَ نَفْساً } . { فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ ٱلْغَمِّ } : أريناكَ عينَ الجمع حتى زال عنك ما داخَلَكَ من الغمِّ بصفة مقتضى التفرقة ، فلمَّا أريناك سِرَّ جريانِ التقديرِ نَجَّيْنَاكَ من الغم . قوله جلّ ذكره : { وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً } . استخلصناكَ لنا حتى لا تكون لغيرنا . ويقال جَنَّسْنَا عليك البلاَءَ ونَوَّعْنَاه حتى جَرَّدْنَاكَ عن كل اختيارٍ وإرادة ، ثم حينئذٍ رَقَّيْنَاكَ إلى ما استوجَبْتَه من العِلم الذي أَهَّلْنَاكَ له . قوله جلّ ذكره : { فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِيۤ أَهْلِ مَدْيَنَ } . وكنتَ عند الناسِ أنك أجيرٌ لشعيب ، ولم يظهر لهم ما أودعنا فيك ، وكان يكفي - عندهم - أن تكون خَتنَاً لشعيب . { ثُمَّ جِئْتَ عَلَىٰ قَدَرٍ يٰمُوسَىٰ } . أي عَدَدْنا أيامَ كونك في مدين شعيب ، وكان أهل حضرتنا من الملائكة الذين عرفوا شرَفَكَ ومحبَّتَكَ منتظرين لك ؛ فجئتَ على قَدَرٍ . ويقال إنَّ الأَجَل إذا جاء للأشياء فلا تأخيرَ فيه ولا تقديم ، وأنشدوا في قريب من هذا المعنى :