Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 92-94)
Tafsir: Laṭāʾif al-išārāt bi-tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله جلّ ذكره : { قَالَ يٰهَرُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوۤاْ أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي } . ضاق قلبُ موسى - عليه السلام - لمَّا شاهد من قومه بالمعاينة عبادة العجل . ولقد كان سمع من الله أَنَّ السامريّ أظلَّهم حين قال : { فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ } [ طه : 85 ] ، ولكن قديماً قيل : ليس الخبر كالعيان ، فلمَّا عايَنَ ذلك ضاق قلبهُ ، فكان يقول لأخيه ذلك فظهر منه ما ظهر ، وقيل : مَنْ ضاق قلبُه اتسع لسانُه . ولما ظهر لموسى - عليه السلام - ما ظهر أخذ هارون يقابله بالرفق واللطف وحسن المداراة … وكذلك الواجب في الصحبة لئلا يرتقي الأمرُ إلى الوحشة ، فاستلطفه في الخطاب واستعطفه بقوله : { قَالَ يَبْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِيۤ إِسْرَآءِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي } . أنت أمَرْتَنِي أَلاَّ أُفارِقَهم . وقد يُقال إن هارون لو قال لموسى : في الوقتِ الذي احتَجْتَ أنْ تَمْضِيَ إلى فرعون قلتَ : { وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً } [ القصص : 34 ] ، وقلت : { فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ } [ القصص : 34 ] ، وقلت حين مضيتَ إلى سماع كلام الحق : { ٱخْلُفْنِي فِي قَوْمِي … } [ الأعراف : 142 ] فما اكتفيت بأَنْ لم تستصحبني . وخَلَّفْتَنِي ! وقد عَلِمْتَ أَني بريءُ الساحةِ مما فعلوا فأخذتَ بلحيتي وبرأسي … ألم ترضَ بما أنا فيه حتى تزيدني حَرْياً على حَرْيٍ ؟ ! … لو قال ذلك لكان مَوْضِعَه ، ولكنْ لِحلْمِه ، ولِعِلْمِه - بأنَّ ذلك كُلَّه حُكْمُ ربِّهم - فقد قابَلَ كلَّ شيءٍ بالرضا .