Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 13-14)
Tafsir: Laṭāʾif al-išārāt bi-tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله جلّ ذكره : { ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَامَ لَحْماً } . قطرةٌ أجزاؤُها متماثِلَةٌ ، ونُطْفَةٌ أبعاضُها متشاكِلة ، ثم جعل بعضها لْحماً وبعضَها عَظْماً ، وبعضَها شَعْراً ، وبعضها ظُفراً ، وبعضها عَصَبَاً ، وبعضها جِلْدَاً ، وبعضها مُخَّاً وبعضها عِرْقاً . ثم خَصَّ كُلَّ عضوٍ بهيئةٍ مخصوصةٍ ، وكلَّ جُزْءٍ بكيفيةٍ معلومةٍ . ثم الصفاتُ التي للإنسان خَلَقَهَا متفاوتةً ، من السَّمْع والبَصَرِ والفِكْرِ والغَضَبِ والقدرةِ والعلم والإرادةِ والشجاعةِ والحقد والجودِ والأوصافِ التي يتقاصر عنها الحَصْرُ والعَدُّ . قوله جلّ ذكره : { ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ } . في التفاسير أنه صورة الوجه ، ويحتمل ما تركب فيه من الحياة ، واخْتُصَّ به السَّمْع والبصر والعقل والتمييز ، وما تفرَّد به بعضٌ منهم بمزايا في الإلهام العام للعقل وسائر الإدراكات . ويقال : { ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ } : وهو أَن هَيَّأهم لأحوالٍ عزيزة يُظْهِرها عليهم بعد بلوغهم ، إذا حصل لهم كما التمييز من فنون الأحوال ؛ فلقومٍ تخصيصٌ بزينة العبودية ، ولقومٍ تحرُّرٌ من رِقِّ البشرية ، ولآخرين تحقَّقٌ بالصفاتِ الصمدية بامتحائهم عن الإحساس بما هم عليه وبه من الأحوال التي هي أوصاف البشرية . قوله جلّ ذكره : { فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ } . خلق السماواتِ والأرضين بجملتها ، والعرشَ والكرسيَّ ، مع المخلوقات من الجنة والنار بكليتها - ثم لمَّا أخبر بذلك لم يعقبه بهذا التمدح الذي ذكره بعد نعت خَلْقِه بني آدم تخصيصاً لهم وتمييزاً ، وإفراداً لهم من بين المخلوقات . ويقال إنْ لم يَقُلْ لَكَ إِنَّكَ أحسنُ المخلوقاتِ في هذه الآية فلقد قال في آية أخرى : { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِيۤ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } [ التين : 4 ] . ويقال إن لم تكن أنت أحسن المخلوقات وأحسن المخلوقين - ولم يُثْنِ عليك بذلك فلقد أثنى على نفسه بقوله : { فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ } ، وثناؤه على نفسه وتمدحه بذلك أعزُّ وأجلُّ من أن يثني عليك . ويقال لما ذكر نعتَك ، وتاراتِ حالِكَ في ابتداء خَلْقَك ، ولم يكن منك لسانُ شكرٍ ينطق ، ولا بيانُ مدحٍ ينطلق … نَابَ عنك في الثناء على نفسه ، فقال : { فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ } .