Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 11-11)

Tafsir: Laṭāʾif al-išārāt bi-tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذه قصة عائشة رضي الله عنها ، وما كان من حديث الإفك . بَيَّنَ اللَّهُ - سبحانه - أنه لا يُخْلِي أحداً من المحنة والبلاء ، في المحبة والولاء ؛ فالامتحان من أقوى أركانه وأعظم برهانه وأصدق بيانه ، كذلك قال صلى الله عليه وسلم " يُمْتَحَنُ الرجلُ على قَدْرِ دينه " ، وقال : " أشدُّ الناسِ بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل " . ويقال إن الله - سبحانه - غيورٌ على قلوب خواصِّ عباده ، فإذا حصلت مساكنةُ بعض إلى بعضٍ يُجْرِي الله ما يَرُدُّ كُلَّ واحدٍ منهم عن صاحبه ، ويردُّه إلى نفسه ، وأنشدوا : @ إذا عَلِقَت روحي بشيءٍ ، تعلَّقَتْ به غِيَرُ الأيام كي تسْلُبَنِّيَا @@ " وإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لمَّا قيل له : أي الناس أحب إليك ؟ قال : " عائشة " " فساكنها . وفي بعض الأخبار أن عائشة قالت : " يا رسول الله إني أحبك وأحب قربك " … فأجرى اللهُ حديثَ الإفك حتى ردَّ قلبَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنها إلى الله ، وردَّ قلب عائشة عنه إلى الله ؛ حيث قال - لما ظَهَرَتْ براءةُ ساحتها : بحمد الله لا بحمدك كشف الله عنها به تلك المحنة ، وأزال الشكَّ ، وأظهر صِدْقَها وبراءة ساحتها . ويقال إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اتقوا فراسةَ المؤمن فإنَّ المؤمن ينظر بنور الله " فإذا كانت الفراسةُ صفة المؤمن فأوْلى الناس بالفراسةِ كان رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، ثم لم تظهر له بحكم الفراسة براءةُ ساحتها ، حتى كان يقول : " إنْ فَعَلْتِ فتوبي " . والسبب فيه أنه في أوقات البلاء يَسُدُّ اللَّهُ على أوليائه عيونَ الفراسةِ إكمالاً للبلاء . وكذلك إبراهيم - عليه السلام - لم يميِّز ولم يعرف الملائكة حيث قَدَّمَ إليها العِجْلَ الحنيذ ، وتوهمهم أضيافاً . ولوط عليه السلام لم يعرف أنهم ملائكة إلى أن أخبروه أنهم ملائكة . ويقال " إنه كان - صلى الله عليه وسلم - يقول لعائشة : " يا حُمَيرَاء " فلما كان زمان الإفك ، وأرسلها إلى بيت أبويها ، واستوحش الأبوان معها ، ومَرِضَتْ عائشةُ - رضي الله عنها - من الحزن والوجد ، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رأى واحداً من دار أبي بكر يقول : " كيف بيتكم ؟ لا عائشة ولا حميراء فما كان يطيب بالتغافل عنها ، فتعبيره - إن لم يُفهَمْ بالتصريح - فيُفْقَهُ بالتلويح . ثم إنه - سبحانه - قال : { لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ مَّا ٱكْتَسَبَ مِنَ ٱلإِثْمِ } : فبمقدار جُرْمِهم احتمل كلُّ واحدٍ ما يخصُّه من الوِزْرِ .