Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 23-29)
Tafsir: Laṭāʾif al-išārāt bi-tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله جل ذكره : { قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } . نَظَرَ اللعينُ بجَهْلِهِ ، وسألَ على النحو الذي يليق بِغَيِّه ؛ فسأل بلفظ ( ما ) - و " ما " يُسْتَخْبَرُ بها عمَّا لا يعقل ، فقال : { وَمَا رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } . ولكنَّ موسى أعرض عن لفظه ومقتضاه ، وأخبر عمَّا يصحُّ في وصفه تعالى فقال : قوله جل ذكره : { قَالَ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُمْ مُّوقِنِينَ } . فَذَكَرَ صفتَه - سبحانه وتعالى - بأنَّه إله ما في السماوات والأرض ، فأخذ في التعجب ، وقال : { قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلاَ تَسْتَمِعُونَ قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ } . قال موسى : { رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ } فحاد فرعونُ عن سنن الاستقامة في الخطاب ، وأخذ في السفاهة قائلاً : { قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ ٱلَّذِيۤ أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ } . لأنه يزعم أنَّ هناك إلهاً غيره . ولم يكن في شيءٍ مما يجري من موسى - عليه السلام - أو مما يتعلَّق به وصفُ جنونٍ . ولم يُشْغَلْ بمجاوبته في السفاهة فقال : { قَالَ رَبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ } . أي إن كنتم من جملة مَنْ له عقلٌ وتمييزٌ . فقال فرعون : { قَالَ لَئِنِ ٱتَّخَذْتَ إِلَـٰهَاً غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ ٱلْمَسْجُونِينَ } . مضى فرعونُ يقول : لأفعلنَّ ، ولأصنعنَّ … إن اتخذتَ إلهاً غيري وجرى ما جرى ذِكْرُه وشَرْحُه في غير موضع . ثم إنه أظهر معجزته بإلقاء العصا ، وقَلَبَها - سبحانه - ثعباناً كاد يلتقم دار فرعون بمن فيها ، ووثَبَ فرعونُ هارباً ، واختفى تحت سريره ، وهو ينتفض من الخوف ، وتَلَطَّخَتْ بِزَّتُه وافتضح في دعواه ، واتضحت حالته ، فاستغاث بموسى واستجاره ، وأخذ موسى الثعبان فردَّه الله عصاً . ولمَّا فَارقَه موسى - عليه السلام - تداركته الشقاوة ، وأدركه شؤمُ الكفر ، واستولى عليه الحرمانُ ، فَجَمَع قومَه وكلَّمهم في أمره ، وأجمعوا كلُّهم على أنه سحَرَهم . وبعد ظهور تلك الآية عاد إلى غيِّه … كما قيل : @ إذا ارْعَوَى عَادَ إلى جَهْلِه كَذِي الضَّنَى عاد إلى نُكْسِه @@ ثم إنه جَمَعَ السَّحَرَة ، واستعان بهم ، فَلمَّا اجتمعوا قالوا : { إِنَّ لَنَا لأَجْراً } [ الأعراف : 113 ] . فنطقوا بخساسة هِمَّتِهم ، فَضَمَنَ لهم أجْرَهم . وإنَّ مَنْ يعمل لغيره بأُجْرَةٍ ليس كَمَنْ يكون عملُه لله . ومَنْ لا يكون له ناصِرٌ إلاَّ بضمانِ الجَعَالَة وبَذْل الرِّشَا فَعَنْ قريبٍ سيُخْذَل .