Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 1-2)

Tafsir: Laṭāʾif al-išārāt bi-tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

" الألف " إِشارة إلى تَفَرُّده عن كل غير بوجه الغِنى ، وباحتياج كل شيءِ إليه ؛ كالألف تتصل بها كل الحروف ولكنها لا تتصل بحرفٍ . " واللام " تشير إلى معنى أنه ما من حرفٍ إلا وفي آخره صورة تعويج ما ، واللام أقرب الحروف شبهاً بالألف - فهي منتصبة القامة مثلها ، والفرق بينهما أن الألف لا يتصل بها شيء ولكن اللام تتصل بغيرها - فلا جَرَمَ لا يكون في الحروف حرف واحد متكون من حرفين إلا اللام والألف ويسمى لام ألف ويكتب على شكل الاقتناع مثل صورة لام . أمّا " الميم " فالإشارة فيه إلى الحرف " مِنْ " ؛ فَمِنَ الربِّ الخَلْقُ ، ومِنَ العبدِ خدمةُ الحق ، ومن الربِّ الطَّوْلُ والفضلُ . { أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتْرَكُوۤاْ } بمجرد الدعوى في الإيمان دون المطالبة بالبلوى ، وهذا لا يكون ، فقيمة كلِّ أحدٍ ببلواه ، فَمَنْ زاد قَدْرُ معناه زاد قدر بلواه ؛ فعلى النفوس بلاءٌ وهو المطالبة عليها بإخراجها عن أوطان الكسل وتصريفها في أحسن العمل . وعلى القلوب بلاءٌ وهو مطالبتُها بالطلب والفكر الصادق بتطلُّع البرهان على التوحيد والتحقق بالعلم . وعلى الأرواح بلاءٌ وهو التجرُّدُ عن محبة كلِّ أحدٍ والتفرُّد عن كل سبب ، والتباعُد عن كل المساكنةِ لشيءٍ من المخلوقات . وعلى الأسرار بلاءٌ وهو الاعتكاف بمشاهد الكشف بالصبر على آثار التجلِّي إلى أن تصير مُسْتَهْلَكاً فيه . ويقال فتنة العوام في أيام النظر والاستدلال ، وفتنة الخواص في حفظ آداب الوصول في أوان المشاهدات . وأشدُّ الفتنِ حفظُ وجود التوحيد لئلا يجري عليك مَكْرٌ في أوقات غَلَبَاتِ شاهد الحقِّ فيظن أنه الحق ، ولا يدري أَنَّه من الحقِّ ، وأنَّه لا يُقال إِنَّه الحقُّ - وعزيزٌ مَنْ يهتدي إلى ذلك .