Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 133-134)

Tafsir: Laṭāʾif al-išārāt bi-tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

معناه سارعوا إلى علمٍ يوجب لكم المغفرة ، فتقسمت القلوب وتوهمت أن ذلك أمرٌ شديد فقال صلى الله عليه وسلم : " الندم توبة " وإنما توجب المغفرةَ التوبةُ لأن العاصي هو الذي يحتاج إلى الغفران . والناس في المسارعة على أقسام : فالعابدون يسارعون بقَدَمِهم في الطاعات ، والعارفون يسارعون بهممهم في القربات ، والعاصون يسارعون بندمهم بتجرُّع الحسرات . فَمَنْ سارع بِقَدَمِه وجد مثوبته ، ومن سارع بهممه وجد قربته ، ومن سارع بندمه وجد رحمته . ولمَّا ذكر الجنة وصفها بسعة العرض ، وفيه تنبيه على طولها لأن الطول في مقابلة العَرْض ، وحين ذكر المغفرة لم يذكر الطول والعرض ، فقومٌ قالوا : المغفرة من صفات الذات وهي بمعنى الرحمة فعلى هذا فمغفرته حُكْمُه بالتجاوز عن العبد وهو كلامه ، وصفة الذات تتقدس عن الطول والعرض . ومن قال : مغفرته من صفات فِعْلِه قال لكثرة الذنوب لم يصف الغفران بالنهاية ، إشارةً إلى استغراقه جميع الذنوب . قوله جلّ ذكره : { ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ } . لا يدَّخِرون عن الله شيئاً ، ويؤثِرونه على جميع الأشياء ، ينفقون أبدانهم على الطاعات وفنون الأوراد والاجتهاد ، وأموالهم في إفشاء الخيرات وابتغاء القربات بوجوه الصدقات ، وقلوبهم في الطلب ثم دوام المراعاة ، وأرواحهم على صفاء المحبَّات والوفاء على عموم الحالات ، وينفقون أسرارهم على المشاهدات في جميع الأوقات ؛ ينتظرون إشارات المطالبات ، متشمرين للبدار إلى دقيق المطالعات . قوله : { وَٱلْكَاظِمِينَ ٱلْغَيْظَ } : يتجاوزون عن الخَلْق لملاحظاتهم إياهم بعين النسبة ، وأقوام يَحْلُمون على الخلق علماً بأن ذلك بسبب جُرْمِهم فيشهدونهم بعين التسلط ، وآخرون يكظمون الغيظ تحققاً بأن الحق سبحانه يعلم ما يقاسون فيهون عليهم التحمل ، وآخرون فنوا عن أحكام البشرية فوجدوا صافِيَ الدرجات في الذُّلِّ لأن نفوسهم ساقطة فانية ، وآخرون لم يشهدوا ذرة من الأغيار في الإنشاء والإجراء ؛ فعلموا أنَّ المنشئ الله ؛ فزالت خصوماتهم ومنازعاتهم مع غير الله لأنهم لمَّا أفردوه بالإبداع انقادوا لحكمه ؛ فلم يروا معه وجهاً غير التسليم لحكمه ، فأكرمهم الحق سبحانه بِبَرْدِ الرضاء ، فقاموا له بشرط الموافقة . قوله : { وَٱلْعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ } فرضاً رأوه على أنفسهم لا فضلاً منهم على الناس ، قال قائلهم : @ رُبَّ رام لي بأحجار الأذى لم أجِدْ بُدَّاً من العطف عليه @@ { وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ } والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه … هذا في معاملة الحق ، وأما في معاملة الخلق فالإحسان أن تَدَعَ جميع حقِّك بالكلية كم كان على من كان ، وتقبل ( … ) منه ولا تقلده في ذلك مِنَّة .