Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 72-72)
Tafsir: Laṭāʾif al-išārāt bi-tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هنا إضمار أي : أهل السماوات والأرض والجبال . وقيل أحياها وأعْقَلَها ، وهو كقوله : { ٱئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ } [ فصلت : 11 ] . { فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا } : أي أبين أنْ تَخُنَّ فيها ، { وَحَمَلَهَا ٱلإِنْسَانُ } : أي خان فيها . وهم مراتب : فالكفار خانوا في الأصل الأمانة - وهي المعرفة - فكفروا . ومَنْ دُونَهم خانوا بالمعاصي ، وبعضهم أَشَدُّ وبعضهم أهون ، وكلُّ احتقب من الوِزْرِ مقدارَه . ويقال " أبين " إِباءَ إشفاقٍ لا إِباء استكبارٍ ، واستعفين … فعفا عنهن ، وأعفاهن مِنْ حَمْلها . { وَحَمَلَهَا ٱلإِنْسَانُ } : قَبِلَها ثم ما رعوها حقَّ رعايتها … كلٌّ بقدره . { إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً } بصعوبة حَمْلِ الأمانة في الحال ، والعقوبة التي عليها في المآل . وقومٌ قالوا عَرَضَ الأمانةَ على السماواتِ والأرضِ وعَرَضَها على الإِنسان ، فهن استعفين وهؤلاء لم يستعفوا ولم يراعوا . ويقال : الأمانة القيام بالواجباتِ أصولها وفروعها . ويقال : الأمانة التوحيد عقداً وحفظ الحدود جهداً . ويقال : لمَّا حَمَلَ آدمُ الأَمانة وأولاده قال تعالى : { وَحَمَلْنَاهُمْ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ } [ الإسراء : 70 ] … وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟ ويقال حمل الإنسانُ بالله لا بنَفْسِه . ويقال ظَلَمَ نَفْسَه حيث لم يُشْفِقْ مما أشفقت منه السماواتُ والأرضون . والظُلْمُ وَضْعْ الشيءِ في غير موضعه . ويقال كاشَفَ السماواتِ والأرضَ بوصف الربوبية والعظمة فأشفقوا ، وكاشَفَ آدمَ وذُرِّيَتَه بوصف اللطفِ فقَبِلوا وحملوا ، وفي حال بقاء العبد يا لله يحمل السماواتِ والأرضَ بشعرة من جَفْنِه . ويقال كانت السماوات والأرض أصحاب الجثث والمباني فأشفقوا من حَمْل الأمانة . والحِمْلُ إنما تحمله القلوب . وآدم كان صاحبَ معنًى فَحَمل ، وأنشدوا : @ حملت جبال الحكم فوقي وإنني لأَعْجَزُ عن حمل القميص وأضعفُ @@ ويقال لما عَرَضَ الحقُّ الأمانةَ على الخَلْقِ عَلَّقَ آدمُ بها هِمَّتَه ، فصرف بهمته جميع المخلوقات عنها ، فلمَّا أبوا وأشفقوا حَمَلَها الإنسانَ طوعاً لا كرهاً .