Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 29-32)
Tafsir: Laṭāʾif al-išārāt bi-tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله جلّ ذكره : { بَلْ مَتَّعْتُ هَـٰؤُلاَءِ وَآبَآءَهُمْ حَتَّىٰ جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ وَرَسُولٌ مُّبِينٌ } . أَرْخَيْنَا عنانَ إمهالهم مدةً ، ثم كان أمرُهم أَنْ انتصرْنا منهم ، ودَمّرْناهم أجْمعين . قوله جلّ ذكره : { وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } . إمّا أبي مسعود الثقفي أو أبي جهل ، وهذا أيضاً من فرْط جهلهم . { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } . أَهم يَقْسمون - يا محمد - رحمةَ ربك في التخصيص بالنبوة ؟ أيكون اختيارُ اللَّهِ - سبحانه - عَلَى مقتضى هواهم ؟ بئس ما يحكمون ! { نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ … } فلم نجعل القسمة في الحياة الدنيا لهم … فكيف نجعل قسمة النبوة إلى هؤلاء ؟ ! . والإشارة من هذا : أن الحقَّ - سبحانه - لم يجعل قسمةَ السعادةِ والشقاوةِ إلى أحد ، وإنما المردودُ مَنْ ردّه بحكمه وقضائه وقَدَرِه ، والمقبولُ - من جملة عباده - مَنْ أراده وقَبِلَه … لا لِعلَّةٍ أَو سبب ، وليس الردُّ أو القبولُ لأمرِ مُكتَسب … ثمَّ إنه قَسَمَ لِبعْضِ عِباده النعمةَ والغنى ، وللبعض القلّةَ والفقر ، وجعل لكلِّ واحدٍ منهم سكناً يسكنون إليه يستقلون به ؛ فللأغنياء وجودُ الإنعام وجزيل الأقسام … فشكروا واستبشروا ، وللفقراء شهودُ المُنْعم والقَسَّام … فَحَمدوا وافتخروا . الأغنياءُ وجدوا النعمة فاستغنوا وانشغلوا ، والفقراء سمعوا قوله : " نحن " فاشتغلوا . وفي الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأنصار : " أما ترضون أن يرجع الناس بالغنى ؛ وأنتم ترجعون بالنبي إلى أَهليكم " { لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً … } : لو كانت المقاديرُ متساويةً لَتَعَطَّلت المعايشُ ، ولَبَقِيَ كلٌّ عندَ حاله ؛ فجعل بعضَهُم مخصوصين بالرّفَه والمال ، وآخرين مخصوصين من جهته بأجرته فيَصْلُحُ بذلك أمرُ الغنيِّ والفقير جميعاً .