Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 67-71)

Tafsir: Laṭāʾif al-išārāt bi-tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله جلّ ذكره : { ٱلأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ } . ما كان لغيرِ اللَّهِ فمآلُه إلى الضياع والأخلاءُ الذين اصطحبوا عَلَى مقتضى الهوى بعضهم لبعض عدو ؛ يتبرَّأ بعضُهم من بعضَ ، فلا ينفع أحدٌ أحداً . وأمَّا الأخلاءُ في الله فيشفع بعضهم في بعض ، ويتكلم بعضهم في شأن بعض ، أولئك هم المتقون الذين استثناهم الله بقوله : { إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ } . وشرط الخلَّة في الله ؛ ألا يستعمل بعضُهم بعضاً في الأمور الدنيوية ، ولا يرتفق بعضهم ببعضٍ ؛ حتى تكونَ الصحبةُ خالصةً لله لا لنصيبٍ في الدنيا ، ويكون قبولُ بعضهم بعض لأَجْلِ الله ، ولا تجري بينهم مُداهَنَةٌ ، وبقَدْرِ ما يرى أحدُهم في صاحبه من قبولٍ لطريقِ اللَّهِ يقبله ؛ فإنْ عَلِمَ منه شيئاً لا يرضاه اللَّهُ لا يَرْضَى ذلك من صاحبه ، فإذا عاد إلى تركه عاد هذا إلى مودته ، وإلاّ فلا ينبغي أن يُساعدَه عَلَى معصيته ، كما ينبغي أن يتقيه بقلبه ، وأَلا يسكنَ إليه لغرضٍ دنيوي أو لطمعٍ أو لِعِوَض . قوله جلّ ذكره : { يٰعِبَادِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ } . يقال لهم غداً : { يٰعِبَادِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ } مما يلقاه أهل الجمع من الأهوال ، ولا أنتم تحزنون فيما قَصَّرْتُم من الأعمال … أمَّا الذنوب … فقد غفرناها ، وأمَّا الأهوال … فكفيناها ، وأمَّا المظالم … فقضيناها . فإذا قال المنادي : هذا الخطاب يُطْمِعُ الكلَّ قالوا : نحن عباده ، فإذا قال : { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ مُسْلِمِينَ } . أيِسَ الكفارُ ، وقَوِيَ رجاءُ المسلمين . قوله جلّ ذكره : { ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ } . في رياض الجنة ، وترْتَعون . ويقال : { تُحْبَرُونَ } من لذة السماع . قوله جل ذكره : { يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ ٱلأَنْفُسُ وَتَلَذُّ ٱلأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } . العُبَّاد لهم فيها ما تشتهي أنفُسهم لأنهم قاسوا في الدنيا - بحُكم المجاهدات - الجوعَ والعطشَ ، وتحمَّلوا وجُوهَ المشاقِّ ، فيُجازون في الجنةَ بوجوهٍ من الثواب . وأمَّا أهل المعرفة والمحبّون فلهم ما يلذ أعينهم من النظر إلى الله لطول ما قاسوه من فَرْطِ الاشتياق بقلوبهم ؛ وما عالجوه من الاحتراق لشدة غليلهم .