Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 73-81)

Tafsir: Mafātīḥ al-ġayb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى { رَحْمَةُ ٱللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ } رحمة الله وقربة الله وبركات الله انوار مشاهدة الله وايضا رحمة الله نبوة الله وولايته وبركات الله رسالة الله وخلافته وبقى ذلك فى اولاده حتى خص باستجابة دعوته محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله واهل بيته واولاده وايضا رحمة الله محبة الله وبركاته معرفته وتوحيده قال بعضهم بركات اهل البيت من دعوات الخليل ودعوات الملائكة بامر النبى صلى الله عليه وسلم بالدعاء به فى الصلوات فى قوله " كما باركت على ابراهيم " فبارك علينا فانا من اهل بيته واولاده { إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ } محمود بحمده القديم حيث حمد نفسه مجيد عظيم الشان لا يناله عوض الفطن ولا يدركه بعد الهمم فلما وصل بركات الله اليه وانفتح له ابواب المكاشفة وادركه فيض البشارة خرج قلبه من غبار الامتحان وانبسط مع الرحمن بقوله { فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ ٱلرَّوْعُ وَجَآءَتْهُ ٱلْبُشْرَىٰ يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ } ذهب عنه خوف البعد وجاءته بشرى القرب وذاق طعم الود وسكر الخليل بوجه الخليل وانبسط الخليل الى الخليل وهكذا عادة السكارى اذا شربوا شراب الوصلة وسمعوا اصوات القربة يخرجون بنعت السكارى على بساط الانبساط وفى ذلك يحمل عنهم ما لا يحمل من غيرهم من اهل الهيبة والاجلال وانبساطهم اليه من مواليد انبساطه اليهم الا ترى كيف قال { جَآءَتْهُ ٱلْبُشْرَىٰ } ثم قال { يُجَادِلُنَا } فالبشارة انبساط الله فانبسط بانبساط الله لكن انبساط الخليل لا يكون الا رحمة وشفقة على خلقه واوليائه الا ترى كيف قال { يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ } كان يسترحم لهم ويسأل نجاة لوط واهل بيته لما فيه من الظرافة والسخاوة والفتوة والمروة والحلم بما وصفه الله بقوله { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ } حليم بانه كان لا يدعو على قومه بل قالوا فمن اتبعنى فانه منى ومن عصانى فانك غفور رحيم وتأوهه زفرة قلبه مع غيره عينه من الشوق الى جمال ربه وهكذا وصف العاشقين التاوه والزفرات والشهقة والغلبات والصيحة والعبرات منيب حيث اناب الى كنف قدمه وقد أم حظائر قدسه ومجالس انسه من رؤية شواهد ملكوته حيث قال { إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ } ومجادلته كمال الانبساط لم يكن جاهلا ولكن كان مشفقا باراً كريماً راى مكانه نفسه فى محل الخلة واصطفائية القديمة وهو تعالى يحب غضب العارفين وتغير المحبين ومجادلة الصديقين وانبساط العاشقين حتى يحثهم على ذلك وفى الحديث المروى من النبى صلى الله عليه وسلم انه قال " لما اسرى بي رايت رجلا فى الخضرة يتدمر فقلت لجبرئيل عليه السلام من هذا فقال اخوك موسى يتدمر على ربه تعالى فقلت وهل له ذلك فقال يعرفه فيحتمل عنه " الا ترى كيف وصف الله انبساط كليمه بقوله { إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ } ولا يجوز الانبساط الا لمن كان على وصفهم قال بعضهم ذهب روع ما يجده فى نفسه من تنزههم عن طعامه وعلم انهم الملائكة وجاءته البشرى السلام من الله لما فرغ من قضاء حق الضيف ولقى البشرى رجع الى الشفقة على الخلق والمجادلة عنهم { يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ } الرحمة التى جبله الله عليها ثم ان الله سبحانه ذكر وصف خليله بأنه لم يعرف الملائكة في أول مقدمهم ثم وصف نبيه لوطاً عليه السلام بما وصف خليله من ضيق صدره والخيفة منهم بقوله { وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيۤءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً } حزن لاجلهم وضاق صدره شفقة عليهم من فتنة قومه ثم وصف بانه مشفق حزين كريم على الاضياف بقوله { وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي } وحكمه انشاد باب الفراسة على ابراهيم ولوط انهما كانا فى محل البسط وحسن الرجاء من الله سبحانه ولا يتوقفان الياس والعذاب على القوم فلما رايا ملائكة الله لم يعرفاهم باشتغالهم بمعهود حال البسط ولطائف الرجاء والقربة وان كان سرهما لا يغيبان عن معرفتهم ولكن عارفهما التقدير لامضاء حكم الله على قوم قيل ان ابراهيم كان صاحب النبوة والخلة والرسالة ولا بد ان يكون فراسته اصدق من فراسة كل احد ولكنه فى هذه الحالة لم يعرف الملائكة ليعلم ان الحق سبحانه اذا اراد امضاء حكم سد على من اراد عيون الفراسة كما سد فراسة النبى صلى الله عليه وسلم فى قصة الافك الى الوقت الذى انزل به الوحى والتبس الحال على لوط عليه السلام الى ان ينزله الامر ولما اخذ تلاطم بحر الامتحان لوطا عليه السلام طلب قوة وركناً شديدا ليدفع بهما القوم من ارتكاب المعصية قال سبحانه { قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِيۤ إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ } راى نفسه فى منازل الابتلاء والامتحان وراى ابواب المكاشفات والواردات والمشاهدات مسدودة ولم ير نفسه الا فى عمل الخوف ورؤية المكر وخشية العظمة قال لو ان لى فى هذه الساعة اتصافا بصفة القدرة والقوة الازلية كما كان حالى قبل هذا الامتحان لرفعتكم عن الكفر والمعصية { أَوْ آوِيۤ إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ } اى لو كشف لى حاشية من حواشى قوام العدم اوى الى هناك واسترح من رؤيتكم او اتى من عالم الملكوت بياسكم او ادعو لكم لو كان لى لسان الربانى الرحمانى ليهتدوا الى مواقع بالرشد وتعرفوا حقوق الله عليكم قال ابن عطاء لو أن المعرفة بيدى لأوصلتها اليكم قال بعضهم لو ان لى جرأة على الدعاء عليكم لدعوت { أَوْ آوِيۤ إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ } من علم الغيب بما انتم صائرون اليه من سعادة او شقاوة فلما تم الامر وعرف الحال كشف الملائكة له حال القوم ووعد اهلاك القوم وقت الصبح بقوله { إِنَّ مَوْعِدَهُمُ ٱلصُّبْحُ أَلَيْسَ ٱلصُّبْحُ بِقَرِيبٍ } كانه تسارع الى مكان التخلص من بين الضلال واراد ان يرجع الى قرب الله ومشاهدته وتسريح من رؤية الاضداد لان رؤية الاضداد حمى الروح كانه قال لو ان لي بكم قوة ازلية اهلكتكم واوى الى ركن شديد الى حضرة الملكوت مجالس الجبروت واستريح من صحبتكم ورؤية معصيتكم فانتظر بعد ذلك ما وعدوه قيل له { أَلَيْسَ ٱلصُّبْحُ بِقَرِيبٍ } ما اشد على العارفين انتظار واردات الغيب وطلوع صبح المشاهدة وانفلاق شرق العناية وانشراق شمس المكاشفة @ دنا وصال الحبيب واقتربا واطرباً للوصال واطربا @@ حكى عن السرى انه قال قلوب الابرار لا تحتمل الانتظار .