Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 19-29)
Tafsir: Mafātīḥ al-ġayb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى { أَفَمَن يَّعْلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ ٱلْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } اشار سبحانه الى قلوب اوليائه الذين يسمعون باسماع ارواحهم وقلوبهم وعقولهم واسرارهم كلام الحق سبحانه من الحق بلا واسطة فيعرفون مكان نزول القرآن على سيد المرسلين وامام المتقين صلوات الله عليه من الله سبحانه بمكان سماعهم كلام الحق من الحق ويعلمون صدقه فى رسالته بما شاهدوه من براهين صفات القدم ليسوا بمقلدين من حيث طباعهم وايمانهم الفطرى انما هو صفة اهل الظاهر من اهل التقليد الذين سماهم العوام بانتسابهم الى العمى ولا يعلم حقيقة ذلك الا اهل النهى من العارفين بقوله { إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } قال الساوى من استدل عليك بربه ليس كمن يستدل بك على ربه وليس من تحقق بما انزل اليك من جهة الحق كمن يحققه من جهتك وليس من شاهد جريان الاشياء فى الازل كمن شاهده فى وقت ظهوره وقال الاستاذ اى لا يستوى البصير والضرير والمقبول بالوصلة والمردود بالحجبة والمؤهل للتقريب والمعرض للتعذيب ثم وصف العلماء بالله القائمين بشرط الوفاء مع عهد الازل بقوله { ٱلَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ وَلاَ يَنقُضُونَ ٱلْمِيثَاقَ } عهد الله مع الصديقين ما عاهد ارواحهم فى مشاهدة الاولية حيث عشقها بجمال وجهه فوفوا ميثاق العشق بالعشق والعجب كيف يطيق العاشق ان ينقض عهد معشوقه وعشقه صار روحه ومن يطيق ان يفارق روحه فوفاؤهم معه لزومهم على جناب عزته بنعت الفناء فى عبوديته قال بعضهم الموفون بعهدهم القائمون له على شروط العبودية من اتباع الامر والنهى قال ابن عطاء { وَلاَ يَنقُضُونَ ٱلْمِيثَاقَ } الاول فى وقت يلى ان لازب لهم غيره فلا يخافون غيره ولا يرجون سواه ولا يسكنون الا اليه ثم زاد سبحانه فى وصفهم بوصولهم مراده منهم فى طاعته بقوله { وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ } اى الذين يصلون باسرارهم مشاهدته وقربته ويخشونه به حيث وقعوا بقلوبهم فى بحر اجلاله ويخافون من عتابه ودقائقه معهم فى تغيير اياهم فى حركات ضمائرهم بان يميل الى غيره وقال ابن عطاء الذين يديمون على شكر النعمة ومعرفة منة المنعم لدوام النعمة اليهم وايصالها لهم قال بعضهم هم المتحابون فى ذات الله قال الواسطى الخشية منه حقيقة الخوف منه ومن غيره قال { وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ } وقال بعضهم الخشية مراقبة القلب ان لا يطالع فى حال من احواله غير الحق فيمقته قال ابن عطاء الخشية مرابع القلب والخوف ادب النفس وسئل ابو العباس بن عطا عن الفرق بين الخوف والخشية قال الخشية من السقوط عن الدّرجات الزلف والخوف من اللحوق بدركات المقت وقال بعضهم الخشية ادق والخوف اصلب وقال الاستاذ الوفاء بالعهد باستدامة العرفان وبشرائط الاحسان والتقى من ارتكاب العصيان ولى خاطر فى الفرق بين الخشية والخوف ان الخشية مكان العلم والمعرفة بالله بنعت اجلال جلاله وثمرته القيام والخوف مكان محبته المقرونة بعبوديته وثمرته الوفاء بواجب المحبة بنعت اضطراب الخاطر من حزن فراقه ثم زاد الله وصف القوم بالصبر فى بلائه لاجل لقائه بقوله { وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ٱبْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ } صبروا عما دون الله بالله لله ولكشف لقائه والنظر الى وجهه وايضا صبروا فى الله فيما ورد عليهم من اثقال موارد اسراره كتمانا بها لعظم احاطة انوار ازليته على قلوبهم طمعا لوصولهم اى ادراك كل الكل قال ابو عثمان صبروا عن المناهى اجمع لا لخوف الناس بسبب النهى وحرمة عظمة الله وقال بعضهم هذا مقام المريدين امروا ان يصبروا على ارادتهم وعلى ما يلحقهم من الميثاق ولا يطلبوا الرفاهية ولا يرجعوا اليها ويكون ذلك ابتغاء الحقيقة بصحيح الارادة ثم زاد فى وصفهم باقامة الصلاة وانفاق اموالهم بقوله { وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً } راقبوا الله وشاهدوه بتقديس الانفاس ويبذلون وجودهم ظاهرا وباطنا لله وفى الله ثم زاد وصفهم بقوله { وَيَدْرَءُونَ بِٱلْحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ } يدفعون بحسنة مشاهدته ولذة محبته ولذيذ شوقه سيئة معارضة النفس ومتابعة الهوى قال الاستاذ يعاشرون الناس بحسن الخلق ويبذلون الانصاف ولا يطلبون الانتصاف ان غلبهم احد بالجفاء قابلوه بالوفاء وان اذنب عليهم قوم اعتذروا عنهم وان مرضوا عادوا غيرهم كما قيل @ اذا مرضنا اتيناكم نعودكم وتذنبون فنأتيكم ونعتذر @@ ثم وصف امتنانه عليهم بقوله { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ } الجنات بالتفاوت الجنة مع العموم بساتين الملكوت وجنة الخصوص معاينة ذات الجبروت فاذا جلسوا على كراسى جنة الملكوت يزورهم اخوانهم من الملائكة ويهنّؤنهم بما فازوا وما ظفروا بقوله { وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ } اى من كل ابواب الاهلية بينهم وبين الملائكة فى مقام المعرفة والمحبة { سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ } اى سلامة دوام الوصال وبركة انوار جماله الحق عليكم ولكم الى الابد بلا انقطاع ولا اضمحلال بما صبرتم فى طول الشوق الى جماله ونصركم فى بلائه وقال بعضهم سلام عليكم بما صبرتم معناه عاين اضطهادهم بخروجهم من مكان عبوديته فى اتباعهم هواهم بقوله { وَٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ } ميثاقه معهم لم يكن مع شرط التوفيق ولو ساعدهم فى العهد نور العناية لا يقدرون على نقض العهد لان الموفق بالتوفيق يكون محفوظا بعين رعايته عن كل خطر وقال ابو القاسم الحكيم نقض العهد هو السكون الى غير سكون اليه والفرح بغير مفروح به ثم وصفهم بحب الدنيا والفرح بحياتها بقوله { وَفَرِحُواْ بِٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَمَا ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ } لا يكون الفرح بالدنيا الا لمن كان معزولا عن الفرح بمشاهدة الله ومن كان فرحه بالله كيف يفرح بما دون الله وان كان الجنة فاذا لم يفرح بالاخرة فكيف يفرح بالدنيا والدنيا عند الاخرة كقطرة دم عند بحر الزلال قال الواسطى الدنيا مدَرَة ولك منها غبرة ومن اسرّته غبرة فهو اقل منها ومن ملكه جناح بعوضة او اقل منه فلذلك قدره وقال ايضا لا تدعوا الدنيا تغرقكم فى بحارها وغرقوها فى بحر التوحيد حتى لا يجدوا منها شيئا وقال بعضهم اخبر الله ان الدنيا فى الاخرة متاع والاخرة اقل خطرا فى جنب الحقيقة من خطر الدنيا فى الاخرة وقال ابو عثمان هون الدنيا وحقرها فى اعينهم لئلا يشق عليهم تركها بقوله تعالى { إِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَّشَآءُ وَيَهْدِيۤ إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ } قطع اسباب اضلال اهل الضلال وعلّق الهداية برجوع الراجعين اليه قال { يُضِلُّ مَن يَّشَآءُ } فى الازل ويرشدهم طريق الانابة اليه يضلهم عن مشاهدة جماله ويهدى العارفين الى مشاهدة وصاله قال بعضهم يضل من قام بنفسه واعتمد عليها عن سبيل رشده ويهدى الى سبيل رشده من رجع اليه فى جميع اموره وتبرأ من حوله وقوته وقال جعفر يضل عن ادراكه ووجوده من قصده بنفسه ويوصل الى حقائقه من طلبه به ثم وصف الذين انابوا به اليه حيث ابصروا ما برز من وجه نبيه صلى الله عليه وسلم من انوار الرسالة وايقنوا حقائقه ولم يحتاجوا الى آية اخرى كطلاب البرهان من رسول الرحمن بقوله { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ ٱللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ } بين سبحانه ان ذكر المؤمنين مقرون بايمانهم فامنوا بالغيب من حيث الاعتقاد بالغيب بما وهبه الله من نور الايمان وطمأنينة قلوبهم بذكر الله والله تعالى غيبهم امنوا به ولم يكونوا مطمئنين بايمانهم بالله لكن مطمئنين بذكر الله فايمانهم غيب ايضا وذكرهم غيب ولو شاهدوه مشاهدة كشف صار غيب طمأنينة قلوبهم به وسقط عنهم الذكر فاما ما دام لم يصلوا الى مشاهدة المذكور فاقترنت طمانينة قلوبهم بذكره وذكره للمؤمنين على معنيين ذكر الظاهر وذلك على ضربين ذكرهم باللسان وذكرهم بالآذان وذلك عند سماعهم ذكر الله وهذا الذكر الذى من طريق اللسان والسمع يزيد طمانينتهم من حيث التربية والمواجيد وذكر الباطن وذلك على ضربين ايضا ذكر قلوبهم قدر الله وجلاله وذلك من تولد رؤية الاء الله ونعمائه وتفكر فى اياته وصنائعه وذلك كسب القلوب وما لم يكن من الذكر مكتسبًا فذكر الله قلوب اصفيائه وذلك يتغلب بواردات غيب انوار وجوده حين انكشف لها وهو ذكر خالص إلهي بلا علة ولا سبب وخالص طمانينتها به وما سواه من الذكر فهو مغلول قال تعالى { أَلاَ بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ } او بذكره فى نفسه اياهم وذكرهم له بعد ذكره لهم فاذا كان الذكر يأتى من محل الايمان فيتولد منه الرهبة والرغبة والوجل والخوف والقلق والرجاء وحسن الظن واما اذا كان ذكر الايمان يكون من محل الايقان او الذين ايقنوا مشاهدة الله ولقاءه فهم ذاكرون الله بنور ايقانهم فى وجوده ونور الايقان اشرق من نور الايمان فنور الايمان كصبح الاول ونور الايقان كصبح الثانى فاهل اليقين فى طمانينة قلوبهم بذكر الله فى رؤية انوار لوائح الحضرة ولو مع نور الالهية فذكر قلوبهم بقدر وضوح تلك اللوامع فاذا ذكرهم الله بكشف انوار حضرته لهم تطمئن قلوبهم بذكره بعد طمانينتهم بذكرهم فيتولد من ذكرهم الصدق والاخلاص والتسليم والرضا والتوكل وخالص العبودية واذا كان معنى آمنوا شاهدوا الله يكون طمانينة قلوبهم هٰهنا بالله وكشف وجوده وذلك مثل ذهاب الصبح برؤية طلوع الشمس فالاول من الايمان علم اليقين والثانى من الايقان عين اليقين والثالث من مشاهدة الرحمن حق اليقين وفى مقام المشاهدة زال الذكر والذكر باستيلاء انوار عظمة المذكور وهنا ليس مقام الطمانينة بل مقام فناء القلوب والارواح والعقول والعلوم والفهوم والافكار والاذكار فى عظمة الملك الجبار ويتولد من هذا المحبة الوله والشوق والعشق والمعرفة والانس والتوحيد والتجريد والتفريد والفناء والبقاء ومعنى قوله { أَلاَ بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ } وذكر القلوب يعنى بالله تطمئن الأرواح ومحل الذكر اربعة اشياء ذكر القلوب من رؤية الايات وذكر العقول من رؤية الافعال فى الصنعيات وذكر الارواح من رؤية انوار الصفات وذكر الاسرار من رؤية سبحات الذات وهٰهنا الذكر متصور لان الذكر غير متناه فاذا راى العارف مشاهدة صرف ذاته فرؤيته على قدر وجوده وحاشا انه محيط بالديمومية والازلية فما كان غير مكشوف له فهو مذكوره وهو ذاكره وان كان فى مشاهدته فهذا الذكر فى مشاهدة المذكور وهذا ذكر عجب ما عرفت طريقا فى المعرفة ادق من هذا ولا اعرف احدا يشير الى هذا المقام الا قليلا من كبراء القوم ولذلك قال سبحانه { أَلاَ بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ } اى اذا رأوه وارادوا زيادة كشف الذات والصفات وعلموا انهم لم يروه بقدره ولو راوه بقدره فيما لم يروه تطمئن القلوب لرجاء وصولهم اليه وذلك الزيادة متصور وان لم يتصور الاحاطة وايضا معنى قوله { أَلاَ بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ } ذكر الله لهم فى الازل بحسن اصطفائيتهم بولايته ومعرفته فبقيت لهم تلك الطمانينة الى الاباد قيل القلوب على اربعة انحاء قلوب العامة اطمأنت بذكر الله وتسبيحه حمده والثناء عليه لرؤية النعمة والعافية وقلوب الرحمة اطمانت بذكر الله وذلك فى اخلاقهم وتوكلهم وشكرهم وصبرهم فسكنوا اليه وقلوب العلماء اطمأنت بالصفات والاسامى والنعوت فهم ملاحظون ما يظهر بها ومنها على الدهور واما الموحدون كالغرقى لا تطمئن قلوبهم بحال كيف تطمئن بذكر من جهلوه ام كيف تطمئن بذكر من لم يؤمنهم بل خوفهم وحذرهم قال الحسين من ذكره الحق تحير فى ازله واطمأن اليه فى ابده وقال النهرجوري قلوب الاولياء مواضع الحكم وهى لا تتحرك ولا تنزعج بل تطمئن خوفا من ان يرد عليه مفاجاة مطالعة فتجده مترسما بسوء الادب وقال الواسطى هذه على اربعة ضروب فالاول للعامة لانها اذا ذكرته ودعته اطمأنت الى ذكرها له فحظها منه الاجابة للدعوات والثانى اطاعته وصدقته ورضيت عنه فهم مربوطون فى اماكن الزيارات اطمأنت قلوبهم الى ذلك فكانوا ممزوجى الملاحظة بشواهدهم ومقصورى الطبائع برؤية طاعاتهم والثالثة اهل الخصوص الذين عرفوا الاسماء والصفات وعرفوا ما خاطبهم الله به فاطمأنت قلوبهم بذكره لها لا بذكرها له وبرضاه عنها لا رضاها عنه والرابعة خصوص الخصوص وهم الذين كشف لهم عن ذاته وعلمهم علم صفاته فادرج لهم الصفات فى الذات واراهم ان ما تعرف الى الخلق بأقدارهم وعلمهم اخطارهم فعلموا ان سرائرهم لا يقدر ان تطمئن اليه ولا يسكن اليه ومن كانت الاشياء فى سره كذلك الى ماذا يسكن ويطمئن فلا يجد قلبه طمانينة لقدر المطمأن اليه كلما عادت الزيادة عليه راها حجابا لا يستطيع بالبر والنعم لانها حجاب مستور وهباء منثور فان عزمت الدخول فى هذا المقام فاحتسب نفسك واعظم الله اجرك وقال الاستاذ قوم اطمانت قلوبهم بذكر الله فى الذكر وجدوا سلوتهم وبالذكر وصلوا الى صفوتهم وقوم اطمأنت قلوبهم بذكر الله لهم فذكرهم الله بلطفه واثبت الاطمانينة فى قلوبهم على وجه التخصيص لهم ويقال اذا ذكروا ان الله ذكرهم استروحت قلوبهم واستبشرت واستأنست اسرارهم قال الله تعالى { أَلاَ بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ } تقريرا لها على ما نالت بالله من الحياة قال بعضهم قلوب اهل المعرفة لا تطمئن الا بالله ولا يسكن الا اليها لانها محل نظره قيل اطمأنت اليه لانها لم تجد دونه موضع أمنه وراحته وقال الروذبارى اطمأنت اليه لأن تجللها بالنور وشحنها بالانس والسرور فاطمأنت اليه ثم انه سبحانه لم يقنع بذكر الايمان منهم حتى قرنه بالعمل الصالح بقوله { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ طُوبَىٰ لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ } اى ابصروا بعيون اسرارهم انوار آزال الازل واباد الاباد وبما وصل اليهم من نور الاحدية ايقنوا ما لم يصل اليهم منه بما وجدوا منه ثم اختاروه بما فيه اعمالهم بشرط فنائهم فى اوليته واخريته وذلك عملهم الصالح فاخبر عن جزائهم وقال { طُوبَىٰ لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ } اى شجر القدم وذات القديم جل ثناؤه لهم واغصان الصفات الازلية الابدية بشرط الكشف والمشاهدة ماوى اسرارهم واصل شجر الذات بوصف التجلى اكناف أرواحهم وصال حسن مآب قلوبهم وايضا اى طوبى لمن هذا حاله مع الله وحسن رجاؤه منه اليه وطوبى لمن كان عروس الازل شاهد مجلسه @ طوبى لاعين قوم انت بينهم فهن فى نعمة من وجهك الحسن @@ قال الحريرى طوبى لمن طاب قلبه مع الله لحظة من عمره ورجع بقلبه الى ربه فى وقت من اوقاته وقال الشبلى طوبى لمن غاب عن حضرته وحضر فى غيبته واصبح وامسى مراعيا لسريرته وقال الجنيد طاب اوقات العارفين بمعروفهم لذلك قال النبى صلى الله عليه وسلم " وطيب القلب من النعيم " قال ابن عطاء فى قوله { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } صدقوا ما ضمنت لهم من الرزق والعمل الصالح ما كان بريئًا من الشرك والرياء والعجب وقال الاستاذ طابت اوقاتهم فطابت انفاسهم ويقال طوبى لمن قال الحق طوبى له ويقال لهم فى الحال ولهم حسن المآب فى المآل .