Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 69-84)

Tafsir: Mafātīḥ al-ġayb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى { قُلْنَا يٰنَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَٰماً عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ } كان الخليل منورا بنور الله وكان النار من فعل الله فغلب نور الصفة على نور الفعل ولو بقيت النار حتى وصل وجودى فى وجودك لان حق الغيرة فى الوحدانية لا يقتضي كون الوجود فى وجود الحق وايضا كان روحه من مقام الانس صدرت فطار صورته شبيه روحه باللطافة وهو كان فى هواء الانس طياراً وفى ميادين الحسن والجمال سياراً ، فلما لحقه البلاء صار في البلاء وثقله ومرارته محجوباً عن لذة الأنس به فقال { مَسَّنِيَ ٱلضُّرُّ } ويا فهم العارف الصادق اذا كان متحققا فى معرفته فشكواه حقيقة الانبساط ومناداته تحقيق المناجاة وانيته فى بلاء حبيبه حقيقة المباهاة وفيما ذكرنا انشدت يوما فى حق بلاء عشقي فى ايام امتحانى وشوقى الى ايام وصالى ورؤية منائي فقلت @ هوائي يا منائى فى لقاكا وعيشى يا رجائي فى هواكا نزلت حظوظ نفسى من حياتي واثرت الممات بان اراكا وجدت صفاء قلبى فى همومي لقد طالت بلايا فى بلائي بلائى يا بلائى من بلاكا لذا كانت همومى فى رضاكا @@ وفى الحديث المروى عن النبى صلى الله عليه وسلم " انه جاء اليه رجل فساله عن قول ايوب انى مسنى الضر فبكى النبى صلى الله عليه وسلم ثم قال والذى بعثنى بالحق نبيا ما شكى فقراً نزل من ربه ولكن كان فى بلائه سبع سنين وسبعة اشهر وسبعة ايام وسبع ساعات فلما كان فى بعض الساعات وثب ليصلى قائما فلم يطق للنهوض فجلس ثم قال مسني الضر وانت ارحم الراحمين ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم اكل الدود سائر جسده حتى بقى عظاماً نخرة فكانت الشمس تطلع من قبله وتخرج من دبره ثم قال النبى صلى الله عليه وسلم ما بقى الا قلبه ولسانه وكان قلبه لا يخلق من ذكر الله ولسانه لا يخلق من ثنائه على ربه فلما احب الله له الفرج بعث اليه الدودتان إحداهما الى لسانه والأخرى الى قلبه فقال يا رب ما بقى الا هاتان الجارحتان قلبى ولسانى اذكرك بهما وقد اقبلت هاتان الدودتان إحداهما الى قلبى والأخرى الى لسانى تشغلانى عنك وتطلعان على سرى مسنى الضر وانت ارحم الراحمين " وقال الحسين بن على رضى الله عنهما ذكر الله على الصفا ينسى العبد مرارة البلاء وقال جعفر خرج منه هذه القول على المناجاة مستدعيا للجواب من الحق ليسكن اليه لا على الشكوى قال بعضهم : كان أيوب قائماً مع الحق في حال الوجد ، فلما أن كشف عنه البلاء وأظهره وكشف ما به قال مسنى الضر وقال الجنيد عمل الدود فى جسده فصبر فلما قصدوا قلبه غار عليه لانه موضع المعرفة ومعدن التوحيد وماوى النبوة والولاية وقال مسنى الضر افتقاراً الى الله مع ملازمة أداب النبوة وقال ابن خفيف كان ايوب يستأثر بحال الصبر عن البلاء فلما أراد إظهاره للخلق ضجّ فقال { مَسَّنِيَ ٱلضُّرُّ } . قال أبو علي المعازلي : أوحى الله إلى أيوب في حال بلائه يا أيوب إن هذا البلاء قد اختاره سبعون نبيا قبلك فما اخترته الا لك فلما اراد الله كشفه عنه قال انى مسني الضر قال الحسين تجلى الحق لسره وكشف له انوار كرامته فلم يجد للبلاء ألماً قال مسنى الضر لفقدان ثواب البلاء والضرّ اذ صار البلاء لى وطنا وعلى نعمة وقال بعضهم نال كل عضو منه البلاء إلا موضع النداء فارى الضر في الباقى منه على العافية لا عن مواضع البلاء فقال مسنى الضر نداء لا شكوى فانشد @ ادرك بقية روح فيك قد تلفت قبل الفراق فهذا آخر الرمق ولو مضى الكل منى لم يكن عجبا وانما عجبى للبعض كيف بقى @@ سئل الجنيد عن قوله مسنى الضر قال عرفه فاقة السوال ليمن عليه بكرم النوَّال ثم اخبر الله سبحانه عن رفعه البلاء عن نبيه واجابة دعوته واخراجه من الضر بقوله { فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ } حقيقة هذه الآية ان الله عرف خوف ايوب من فوت مشاهدته ووصاله ووقوفه باسراره فى بلائه فاستجاب دعوته ورفع عنه نكائد قهره فى ابتلائه وغيرة ربوبيته على عبوديته فكاشفه جماله وجلاله بعد ان البسه لباس العافية فارتفع الضر من جميع الوجوه وبقى فى شهود جماله فصار إليه البلاء والعافية واحدا قال بعضهم استجاب دعاءه وفتح عليه ابواب الرضا لئلا يعارض بعد ذلك فى حال لا مستكشفا للبلاء ولا متلذذا به لان كليهما موضع العلل والرجوع الى النفس وتربيتها قال الاستاذ لم يقل ارحمني بل حفظ آداب الخطاب فقال وانت ارحم الراحمين قوله تعالى { رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ } تسلية للمحبين الصابرين وتذكرة للمتعبدين قال الواسطى موعظة للمطيعين عند نزول المحن بهم وتعريضا على الرضا وحسن الدعاء من غير تصريح به بل اظهاراً للحال .