Subchapter (Sura: 26, Ayat: 88-89)

{ يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ إِلاَّ مَنْ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } يوم لا ينفع الاشتغال بغيرك بل ينفع من اتاك بقلب سقيم بمحبتك مملو من شوقك محترق بنيران عشقك خال غيرك من العرش الى الثرى رقيق بلزوم انوار كشف جمالك له لطيف فى تقلب سنا ذاتك وصفاتك بنعت المحبة والمعرفة وايضا بقلب طاهر عن الادناس وعن الهواجس والوسواس . بين سبحانه فى هذه الآيات مقام خليله بين يديه من المراتب الشريفة والحالات الرفيعة الاشارة الاولى بقوله الَّذى خلقنى الى محض وحدانية الحق وكمال قدرته الازلية بنعت نفى الانداد والأضداد واشار فى قوله فهو يهدين الى قطع الاسباب والاكتساب فى النبوة والولاية والخلة بل اشارة الى الاصطفائية السابقة واشار فى قوله هو يطعمنى ويسقين الى مقام التوكل والرضا والتسليم والتفويض وقطع الاسباب والاعمال اليه بالكلية والاعراض عما سواه وهكذا الاشارة فى قوله واذا مرضت فهو يشفين رفع الرجوع الى غيره والسكون الى التداوى والمعالجة بشئ فهو كمال التسليم واشار بقوله الذى يميتنى ثم يحيين انه مشاهد سوابق القدر بنعت الرضا بالحكم والقضا واشار بقوله والذى اطمع ان يغفر لى خطيئتى الى مقام حسن اليقين وحسن الرجا وخالص العبودية واشار بقوله ولا تخزني الى مقام الاجلال والتعظيم والخوف والخشية والهيبة واشار بقوله الا من اتى الله بقلب سليم الى التخلق بخلق الله والاتصاف بصفته اذ لم يكن القلب سليما بلا عيب الا اذا كان متصفا بطهارة قدس الحق عن النظر الى الخلق واستعمل حسن الادب فى كمال خلقه ومعرفته فى وصف الحق سبحانه بمكنيات الفاظ حيث قال الذى وهذا من غلبة حرمة الحق عليه وتمكينه فى الصحو بعد سكرة فى البداية وجرأته حين غلب عليه سكر المحبة حيث خاطب الحق بتصريح القول فى المواجهة بقوله ارنى كيف تحيى الموتى ورب اجعلنى وهذا ربى والدليل على ذلك قول الواسطى قال لما استغرق ابراهيم فى الخلقة احتشم من ذكر خليله بالتصريح فرجع الى الصفات جعل يقول الذى ولم يصرح بل كنى والكناية فيها تصريح ولما كان فى ابتداء مقاماته تلوين لم يستغرق فى الخلة جعل يصرح ويقول ربى ربى قال بعضهم الذى خلقنى لعبوديته يهدينى الى قربه وقال بعضهم الذى خلقنى لدعوة خلقه سيهدينى الى أداب خلته قال الاستاذ اى تهدينى إليّ فإني محو في وجودى فليس لى خبر عنى وقال النهرجورى الذى يطعمنى حلاوة ذكره ويسقينى كاس محبته وقال الجريرى الذى يقيمني فى حضرته ويسقيني هو الذى يظهر على بركات ذلك المطعم والمشرب وفى ذلك قال النبى صلى الله عليه وسلم " انى ابيت عند ربى يطعمنى ويسقينى " وقال ابن عطاء اذا امرضنى رؤية الاغيار فان شفائى الرجوع الى مشاهدة الملك الجبار وقال جعفر انا مرضت برؤية افعالى واحوالى شفائى بتذكار الفضل والكرم وقال ذو النون اذا امرضنى مقاساة الخلق شفائى مشاهدة الحق وقال ابن عطا الذى يميتنى عنه ثم يحييني به وقال ابو عثمان يميتنى بخوفه ويحييني برجائه وقال الواسطى الذى يميتنى بالاستناد ويحينى بالتجلى وقال الجنيد الذى يميتنى بالافتقار اليه ثم يحينى بالاستغناء به وقال ابو عثمان اخرج سؤاله على حد الادب لم يحكم على ربه بالمغفرة ولكنه قال والذى اطمع طمع العبيد فى مواليهم وان لم يكونوا يستحقون عليهم شيئا اذ العبد لا يستحق على مولاه شيئا وما ياتيه ياتيه من فضل مولاه وقال ابن عطاء فى قوله رب هب لى حكما اى شكر ما خصصتنى به من مقام الخلدة قال الراضين عنك فى جميع الاحوال وقال واجعل لى لسان صدق فى الاخرين اى اطلق لسان أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالثناء علىَّ والشهادة لى فانك قد جعلتهم شهداء مقبولين قال سهل ارزقنى الثناء فى جميع الامم والملل وقال فارس فى قوله ولا تخزنى لا تقطع حجتى عند المسالة ولا تفضحنى بالمناقشة ولا تحشمنى بالحياء عند مواقعة الجزاء قال ابن عطاء لا تشغلنى بالخلة عنك وافض على انوار حرمتك لئلا اغيب عن مشاهدتك برؤية شيء سواك وقال فى قوله الا من اتى الله بقلب سليم قال قلب خال من الاشتغال بشيء سوى مولاه سلم له الطريق اليه ولم يعرج على شئ سواه وقال الواسطى سلم من سوء القضاء وسئل عن القلب السليم قال سلم عن الاعراض عن الله وقال الجنيد السليم الذى لا يكون فيه الا حُبّه وقال ابن عطاء السليم لا يشوبه شئ من آفات الكون وسئل بعضهم بم ينال سلامة الصدر قال الوقوف على حد اليقين .