Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 103-103)

Tafsir: Mafātīḥ al-ġayb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى { وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيْعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ } حبل الله الهداية والكفاية والرعاية والعبودية والمعرفة والمحبة والخدمة والادب والحرمة والحشمة والنبى صلى الله عليه وسلم والكتاب والسنة اوجب على الجمهور الاعتصام بهذه الوثائق حتى وصلوا اليه ولا تفرقوا عنه لان من رجع عنه الى رأيه وتدبيره وعقله ومعاملته ومجاهدته وحيلته وفكرته واستدلاله فهو بمعزل عن ظل العناية وكنف الكفاية والاعتصام بالله وبحبل الله من باب المعرفة ارشد طائفة الى نفسه بلا وسائط واغرقهم فى بحار وجوده حتى يلتجئوا من قعر بحر الذات الى سفن الصفات لينقذهم من ظلمات النكرة بأنوار المعرفة وهذا حال خاص الخاص واشهد طائفة على مراتب المقامات والحالات حتى وصلوا اليه بانوار كراماته والطاف نواله وهذا حال اهل الخاص والامر بالاعتصام شفقة على عجز العارفين فى معرفته وادراك حقيقة عظمته وفى مشهد التوحيد الاعتصام للمحبين جهل بعلم القدم وللعارفين مكر وحجاب برسوم المعرفة عن حقائق الاسرار وللموحدين كفر لان حق التوحيد حالان حمود السر عن الارادة عند ارادات الحق وفناء الموحَّد عن الموحَّد في رؤية الموحد لان من التفت عنه بعد شهوده من القدم الى رسم الربوبية والعبودية فهو مشرك فى حقيقة هذا من غرائب شطحياتى وايضا عرفهم مفر الارواح وهو محل الكواشف والمعارف لكى ينطقوا عن المخاصمة فى الاخوة لان من بلغ محل مشاهدة الحق بنعت رؤية الوحدانية اسقط الواسطات وسلم من العداوات هناك حبال الاعتصام التى انعقدت بها رهن المواخاة وتعارفت ارواح العاشقات لان وحشة التفرقة يكون في الغيبة وحقيقة الجمعية يكون فى مشهد المشاهدة قال سهل تمسكوا بعهده وعهده التوحيد وقال ابو يزيد ما لم تفقد نفسك ولا تعتصم بخالقك لايستجاب لك ومتى كنت وسط الامور فالمخلوق لا يهتدى الى الخالق فاذا طرحت عنك كنت معتصما به وقيل الاعتصام اليه هو ميل القلب بالوفاء واداء الفرائض بغير تقصير قال ابن عطا حبل الله متصل بعبده يتوقع منه المزيد والفوائد فى كل وقت وحبله عهدة وكناية فمن اعتصم به وصل سئل الجنيد عن قوله واعتصموا بحبل الله قال قالت المتصوفة هو خصوص وعموم اما قوله اعتصموا بالله معناه اعتصموا بالله عن الاعتصام بحبل الله وقيل اعتصموا بحبل الله اجتمعوا على موافقة الرسول صلى الله عليه وسلم انه الحبل الاوثق ولا تفرقوا عنه ظاهراً وباطناً سراً وعلانية قوله تعالى { وَٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } بان هداكم الى نفسه بنعت المعرفة والمحبة { إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَآءً } اى اذا كنتم من مشاهدة التوحيد فى حجاب النكرة تحت غمام البشرية عن رؤية القرب والمشاهدة وحين كنتم تحت ذل الكفر بتضييعكم حق الله وحق الاخوة وطلبكم حظوظ انفسكم بترك حظوظ الاخوان سبب كون العداوة بينهم عراهم عن لبسا المعرفة فاذا كسى الله اسرارهم خلع انوار قربه وباشرت قلوبهم حقائق الوصلة راى بعضهم على بعض اثر جمال الحق عشقت ارواحهم بعضها على بعض كما قال تعالى { حَبَّبَ إِلَيْكُمُ ٱلإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ } وما شرحت فهو معنى قوله تعالى { فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً } وايضا فالف بين قلوبكم بنور عصمته وكشف جمال حضرته حتى وصلوا باجمعهم حقائق مكاشفات الوصال فذاقوا من كأس المنة شراب الالفة وطابوا بجمال الحبيب وارتفعت عن بواطن قلوبهم غشاوة الوحشة فصار عيشهم عيشا واحدا ومذهبهم مذهبا واحدا وحظهم حظاً واحداً وجمعهم الله على عيون الاخلاص حتى يطهروا فيها دنس الاخلاق واوساخ الطبائع ولبسوا منها اثواب التآلف واخلاصهم تخلصهم عن اسرار المكونات ورفع عن اسرارهم اخطار التفرقة فجمعهم فى عين الجمع كنفس واحدة فأحوالهم اورثهم الوفاء واخلاصهم البس اسرارهم الصفاء فبين الوفاء والصفاء صاروا فى الاخوة صادقين وفى المحبة مخلصين وفى الصحبة منصفين وفي المصادفة موقنين وفى الجملة الالفة بين قلوب الأصفياء بالتفاوت على مرسوم المقامات ومراتب الحالات وافهم ان الله تعالى اذا جمع الارواح فى مشاهدة قربه بعد انشائها فاكرمها بعضاً بادراك مقام التوحيد وبعضاً بمقام المعرفة وبعضاً بمقام المحبة وبعضاً بمقام المكاشفة وبعضاً بمقام المشاهدة وبعضاً بمقام الانس والوجد والحالات والالفة بينهم على قدر قران مقاماتهم بعضها بعضاً وجعل الجميع بعضهم على بعض رحمة وهداية وعصمة كما قال عليه السلام المرء كبير باخيه وقال عليه السلام المؤمنون كالبنيان يشد بعضهم بعضاً فمن وافق فى مشهد الازل على مدارج جميع المقامات صار بين الأقران محبوباً ومعشوقاً واماماً بما وجد اصول حقائق القوم وادراك حقيقة مقاماتهم ومن لم يبلغ جميع المقامات صار حاله بخلاف ذلك فالتآلف اوصاف الاولين والتناكر نعوت الاخرين لان ارواحهم احتجبت بعضهم بعضاً كما قال صقير الصفات الصفات وسفير مشاهد اسرار الذات سيد البريات وقائم قوائم مهاد الازليات صلوات الرحمٰن عليه الارواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف قيل كنتم اعداء بملازمة حظوظ انفسكم فالف بين قلوبكم وازال عنكم حظوظ النفس وردكم منها الى حظ الحق فيكم قوله تعالى { وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِّنْهَا } اى كنتم فى قعر بحار غضب الازل امتحانا لا حقيقة فانقذكم منها عصمة رضى القدم المنعوت بعناية شرفكم واصطفاء نيتكم بالمعارف والكواشف وذاك قوله سبقت رحمتى غضبى وايضا اى كنتم محجوبين بعوارض بشريتكم محترقين بنيران شهواتكم فانقذكم منها انوار المعرفة وسنا الازلية وضياء القربة واذاقكم طعم شراب وصلته حتى صرتم فى طلب مزيد الوصال إخوان كل عاشق محب صادق فى طلب رضاه وقيل فى قوله وكنتم على شفا حفرة من النار اى برؤيته النجاة باعمالكم فانقذكم منها بروية الفضل .