Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 17-19)
Tafsir: Mafātīḥ al-ġayb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى { إِنَّمَا ٱلتَّوْبَةُ عَلَى ٱللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَالَةٍ } ظاهر الاية فى انما التوبة على الله على بمعنى من اى انما التوبة من الله للذين يعملون السوء وعلى لسان القوم الاشارة فيه ان من وقع فى المعصية وقع فى الظلمة والحيرة ولا يرى سبيل الرشد ولم يكن فى وسع البشر ان يهدى نفسه الى طريق الحق فإنه هو الهادى والهداية متعلقة باوصاف قدمه ويستحيل ان يكون الحادث على وصف القديم فاذا على الله لنعته ووصف نفسه بالهادى لانه الهادى ان يرجع الى عبده المتحير الذى زل قدمه فى شهوات طبعه فانه لا يقدر ان يخلص نفسه من قهر الله انما تخليصه شرط كرمه الفياض الذى وصف به نفسه تعالى للمذنبين الذين يقصودون حظوظ البشرية بغير الاختيار قال كتب ربكم على نفسه الرحمة فبقى على بشرط الظاهر بقوله كتب ربكم على انما الرجوع منه الى العبد شرط الرحمة الواسعة التى بها قال سبقت رحمتى غضبى هذا سنة الله على ابينا أدم صلوات الله عليه بعد اكل الحنطة بقوله فتاب عليه انه هو التواب الرحيم وقال ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى وخص توبته ورجوعه للذين يعملون السوء بجهالة اخباراً عن عطفه ولطفه باقوام امتحنهم الله فى بدو الارادة فى بعض حظوظ انفسهم لايقاع نيران الندم والخوف والحياء والاجلال فى قلوبهم لئلا يرفعوا اعناقهم بعد اتصفاهم بنعوت الكبرياء وبلوغهم حقائق الانبساط ومقامات الاتحاد فيسقطوا عن رؤية الازلية ومشاهدة الابدية فى فنائهم عن الحدوث وتخلقهم بخلق القدم واضافة السوء اليهم ونسبتهم الى الجهل اى الذين يعملون سنيات الطاعات على رؤية الاعواض جهلاً بمكره وقلة عرفانهم بعزته وتنزيه جلاله عن طاعة المطيعين ومعاصية العاصين يعملون الطاعات ويرونها انها هى شئ ويتقربون بعلل الحدث الى جناب القدم فاذا صاروا مبصرين جمال مشاهدته استحيوا من ظنونهم بطاعاتهم فى جلال عظمته وذلك قوله { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُوْلَـٰئِكَ يَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً } بشوقهم الى لقائه { حَكِيماً } بترتبهم فى معرفته وقيل فى قوله للذين يعملون السوء بجهالة الذين يتقربون بالطاعات الى من لا يتقرب اليه الآية وقال محمد بن الفضل ضمن الله التوبة لمن يبدر منه الذنب من غير قص لا صح الى من يضمره ويتاسف على قوته قال الله تعالى انما التوبة على الله الآية قوله تعالى { وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ } اى كونوا فى معاشرتهن فى مقام الانس وروح المحبة وفرح العشق حين انتم مخصوصون بالتمكين والاستقامة فى الولاية فإن معاشرة النساء لا تليق ال بالمستأنس بالله كالنبى صلى الله عليه وسلم وجميع المستأنسين من الأولياء والابدال حيث اخبر صلى الله عليه وسلم عن كمال مقام انسه بالله وروحه بجمال مشاهدته فقال " حبب الى من دنياكم ثلثة الطيب والنساء وجعلت قرة عينى فى الصلاة " وهكذا احال يوسف عليه السلام حين هم فيها قال الله تعالى ولقد همت به وهم بها وقال ذو النون المستانس بالله يستانس بكل شئ مليح ووجه صبيح وبكل صوت طيب وبكل رائحة طيبة وايضاً عاشروهن بطلب ولد صالح منهن وايضاً عاشروهن اى باشروهن حين رغبن في مرادكم منهن فان المعروف لا يقع الا على استواء من كلا الجانبين على نعت واحد وايضاً اى عرفوهن صفات الله واسماءه ورغبوهن فى طاعته بنعت العلم وشوقوهن الى جماله وجلاله قيل علموهن السنن والفرائض قال عبد الله بن مبارك العشرة الصحيحة ملا يورثك الندم عاجلاً وآجلا قال ابو حفص المعاشرة بالمعروف حسن الخلق مع العيال فيما ساءك وما كرهت صحبتها قوله تعالى { فَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً } كل امر من الله سبحانه جاء على مخالفة النفوس امتحانا واختبار و النفس كارهة فى العبودية فاذا الزمت عليها حقوق الله بنعت المجاهدة والرياضة واستقمت فى عبودية الله اول ما يطلع على قلبك انوار جنان القرب والمشاهدة قال تعالى ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هى الماوى وفى اجواف ظلام المجاهدات للعارفين شموس المشاهدات واقمار المكاشفات قيل فى تفسير الخير هٰهنا الوالد الصالح قيل غيب عنك العواقب لئلا تسكن الى مالوف ولا تنفروا من مكروه .