Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 36-36)

Tafsir: Mafātīḥ al-ġayb

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى { وَٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً } امر بشيئين العبودية والاخلاص فى العبودية ولا تكون العبادة مع الشرك ولا يكون الاخلاص والتوحيد بغير العبادة فطلب التوحيد بنعت افراد القدم عن الحدوث ونفى الانداد والاضداد وطلب العبادة المقرونة بهذا التوحيد ليكون العبادة موافقا للتوحيد ويكون التوحيد موافقا لتنزيه القدم خلق النفس مع حظها وامر العباد بتقديس حظ اليقين عن اليقين وكيف يكون تبديل الخلق وطبع النفس ان يكون مائلا الى غير الله اي اطلبوا مني تقديس الاسرار فى كشوف الانوار فانى قادر على ان أزمها بأزمة الوحدانية واسيرها خاضعة لفردانيتى وايضا اعبدوا الله لله لا على رؤية العوض والعبادة فانهما شرك العارفين واعبدوه على رؤية التقصير فانه عبادة الموحدين وايضا شغلهم منه به ولو أحبهم بالحب البالغ اسكرهم بشراب القرب والمشاهدة واوقعهم فى بحار القدم بعد خروجهم من العدم وهذا آخر الامر فى المحبة والمعرفة الا ترى كيف وقع بالامتحان من اهل الجنة واخبر عنهم بما وجدوا من راجة القرب والمشاهدة بغير نصب الامتحان الذى احلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب قال ابو يزيد ان الله سبحانه نظر فى العالم فلم ير اهلا لمعرفته فشغلهم بعبادته قال ابو عثمان حقيقة العبودية قطع العلائق والشركاء عن شرك وقال الواسطى الشرك رؤية التقصير والعزة من نفسه والملامة عليها يقال له الزمت الملامة من تولى إقامتها ومن قضى عليها الشره وقال بعضهم العبودية فناؤك عن مشاهدتك فى مشاهدة من تعبده قوله تعالى { وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } الوالدين مشايخ المعرفة واحسان المريدين اليهم بوضع اعناقهم عند ساحاتهم بنعت ترك مخالفتهم فى جميع الانفاس مع نشر فضائلهم عند الخلق والدعاء لهم بمزيد القرب قال الجنيد امرنى ابى أمراً وأمرني السرى امراً فقدمت امر السرى على أمرابى وكل ما وجدت فهو من بركاته قوله { وَبِذِي ٱلْقُرْبَىٰ } اى اخوان المحبة من اهل قربة الله { وَٱلْيَتَامَىٰ } اهل فرقة الله الذين وقعوا فى الفترة وآفة الشهوة واحتجبوا بها عن المشاهدة فاحسانهم ترغيبهم الى طاعة مولاهم وتشويقهم الى مشاهدة سيدهم مع التلطف والظرافة فى دعائهم الى الله ومن مات استاذه قبل بلوغه الى درجة القوم فهو يتيم المعرفة والاحسان اليه لربيته بآداب القوم لئلا ينقطع عن الطريق قوله تعالى { وَٱلْمَسَاكِينِ } اراد به السالكين غير المجذوبين فان المساكين سلكوا طريق المقامات بالمجاهدات واحسانهم كشف اسرار المشاهدات عندهم ليقع اثار المحبة فى قلوبهم فيسكنون عن المجاهدات الظاهرة ويطلبون الحق بالقلوب الحاضرة والاسرار الظاهرة ليصلوا بطرفة عين الى مقام لا يصلون اليه بالف سنة بالمجاهدة والرياضة وايضاً المساكين الذين وقفوا على باب العظمة وتاهوا فى اودية الصفة وتحيروا فى بيداء القدم ولم تجدوا سبيلاً الى مرادهم الكلى لظهور النكرة فى المعرفة والمعرفة فى النكرة فامر الله سبحانه ان يواسيهم بما يفرج عنهم اثقال العظمة بروح القلوب وذلك المجالسة بالسماع مع صوت طيب ورائحة طيبة بين كرام المعارف واشراق الكواشف ليستانسوا بالسماع ساعة كيلا يحترقوا بنيران الكبرياء قال عليه السلام " روحوا قلوبكم ساعة فساعة " امرهم بالنشاط بالله على الله لعلمه باختراق اهل الإجلال والعظمة فاشفق عليهم وأمرهم بالتوسع وفتح عليهم باب الرخص زيادة تشوقهم ومحبتهم جماله تعالى { وَٱلْجَارِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ } اى احسنوا الى من كان مقامه موافقا لمقاماتكم لانه فى طريق المعرفة جار قربة الله وهو قرابتكم فى محبة الله وايضاً الجار ذى القربى هو الروح الناطقة العارفة العاشقة الملكوتية التى خرجت من العدم بتجلى القدم وانقدحت من زنود الازل وهى اقرب كل شئ منك وهى جار الله وهو مصبوغة بصبغ الله وهى فى يمين الله قال عليه السلام " الارواح فى يمين الله ومعذبها من قلبك " منظر نور التجلى ومسكن نور سنا التدلى واحسانها ان تطيرها بجناح المعرفة والشوق والمحبة الى عالم المشاهدة بعد ان تطلقها من قيد الطبيعة وتقدس سكنها من حظوط البشرية وهى اقرب القرابة منك لانها اصل قيامك وانت قائم بها { وَٱلْجَارِ ٱلْجُنُبِ } هو المريد المبتدى فاحسانك اليه ان ترغبه الى سلوك مدارج الصديقين العارفين وتنشر له مطويات اسرار المحبين وفضائل احوال المشتاقين وايضاً الجار الجنب صورتك التى هى حاملة الروح والاحسان اليها ان تفطم جوارحها من حظوظ المعاصى والشهوات { وَٱلصَّاحِبِ بِٱلجَنْبِ } يعنى رفيقك فى سفر الغيب الذى هيجه حب الله اليه وشوقه معرفة الله الى مشاهدة الله فانفاسه انفاسك وسره سرك ومقامه مقامك وهو قرينك فى غربة الازل واسفار الابد واحسانك اليه اذا كاد ان ينقطع بلذة المحبة من المحبوب لن تخوفه من مكره وترغبه الى طلب الفناء فيه وايضا الصاحب بالجنب هو قلبك واحسانك اليه ان تفرده من الحدثان وتشوقه الى جمال الرحمن وايضا الصاحب بالجنب هى النفس الامارة التى قال سيد المرسلين وامام العالمين محمد صلى الله عليه وسلم " اعدى عدوك نفسك التى بين جنبيك واحسانك اليها ان تحبسها فى سجن العبودية وتمينها عن الشهوة وتحرقها بنيران المحبة وتذر ترابها برياح المعرفة حتى لا يبقى فى دار الله غير الله " { وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ } اى غريب الله فى بلاد الله حيث لا يعرفه سوى الله الذى يتطرق من نور الافعال الى نور الصفات ومن نور الصفات الى نور الذات وهو فى غربة الازل والاباد لا يسكن روعته ولا يطفىء حرقته ويزيد تحيره وتعريه لا يعرفه احد يواسيه قال عليه السلام " إن حضروا لم يعرفوا وان غابوا لم يفتقدوا " وزاد فى وصفهم لا يفتح لهم السدد ولا يروحهم المنعمات أنوار قلوبهم أنور بنور الشمس والاحسان اليهم بذل المهجة بين ايديهم وزيادة الاستطابة فى اوقاتهم ودفع الاغيار عن صحبتهم حتى لا يطلع عليهم احد تمنعهم من احوالهم ساعة { وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } اى مريدوكم الذين هم ارقاء الارادة والاحسان اليهم تربيتهم فى طريق الله باداب الله ونشر كرامة الله عندهم ودعاؤهم الى طريق الرجاء لان الراجى طيار والخائف سيار وتعليمهم طريق المشاهدة بلزوم المراقبة وذكر سهل بن عبد الله تفسير هذه الاية قال الجار ذى القربى هو القلب والجار الجنب هو النفس والصاحب بالجنب العقل الذى ظهر على اقتداء السنة والشرع وابن السبيل والجوارح المطيعة لله وقال الاستاد فى قوله والجار ذى القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب من جيرانك ملكان فلا تؤذهما بعصيانك وراع حقهما بما يصل عليها من احسانك .