Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 51-53)
Tafsir: Mafātīḥ al-ġayb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ } كان لى واقعة فى ابتداء الامر وذلك انى شاهدت الحق بالحق وكاشف لي مشاهدة جماله وخاطبنى من حيث الارواح لا الاشباح فغلب على سكر ذلك وافشيت حالى بلسان السكر فتعرضني واحد من اهل العلم وسالنى كيف تقول ذلك وان الله سبحانه اخبرنا بانه لم يخاطب احدا من الانبياء والرسل الا من وراء حجاب وقال وما كان لبشر ان يكلمه الله إلا وحيا او من وراء حجاب فقلت صدق الله هذا اذا كانوا فى حجاب البشرية فاذا خرجوا بشرط الارواح الى علم الغيب رأوا الملكوت البسهم الله انوار قربه وكحل عيونهم بنور نوره والبس اسماعهم قوة من قوى الربوبية وكشف لهم ستر الغيرة وحجاب المملكة وخاطبهم كفاحا وعيانا ولنبينا صلى الله عليه وسلم اخص خاصية اذ هو مصطفى فى الازل بالمعراج والمشاهدة فاذا صار جسمه روحه ويكون واحداً من كل الوجوه صعد الى الملكوت وراى الحق منزهاً عن ان يحجبه المحل من الحدثان او احتجب بشئ دونه فهو الممتنع بذاته القديم من ان يطالعه الا بعد ان يكشف له جلال ابديته وجمال سرمديته وتصديق ما ذكرنا ما قال الواسطى فى هذه الأية قال اخبر ان اوصاف الخلق على سنن واحد وخص السفير الأعلى والواسطة الادنى بمشافهة الخطاب ومكافحته وقال وما كان لبشر ان يكلمه الله الا وحيا وهو قائم بصفة البشرية حتى ينزع عنه اوصاف البشرية ويحلى بحلية الاختصاص فحٍ يكلم شفاها لقوله تعالى وكذلك اوحينا اليك تفسير قوله سبحانه { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا } أي كما خصصنا الانبياء والرسل بالروحانية والارواح الملكوتية والارواح الجبروتية والارواح الجمالية والارواح الجلالية خصصناك بروح قدسية اوجدتها من جملة الارواح بتجلى قدس قدمي من العدم وفضلناك برؤية القدس والجوهر القدسى المشروح برقوم تجلى جمالي وجلالى المكسوّ بكسوة جميع صفاتى المنور بنور ذاتى وخصصنا روحك المشرفة بهذه الانوار بان احييناها بما اودعتها من روح فعلى وروح صفتى وروح ذاتى وذلك علم الغيب وغيب الغيب وسر الغيب الاول امر الفعل والثانى امر الصفة والثالث امر الذات فاذا صارت جامعة لهذه الخصايص وان جميع الارواح صدرت من نورها وارسلناها الى جسمك المبارك ونفختها فى صورتك كما نفخت فى صورة ابيك فصار أدم العالم فانت انت وأدم العالم من العرش الى الثرى يظهر من مرأة وجودك كما ظهر الكون من جوهرك القدسى الذى هو اقل ما خلقت فمن يرى نورها منك فقدر أني فانك مراتى للعالمين لذلك قال عليه الصلاة والسلام " من رانى فقد راى الحق ومن عرفنى فقد عرف الحق " وقال اوّل ما خلق الله نورى ثم خلق منه ما هو كائن الى يوم القيامة فمن كان له من بحر نوره روح صار بين العالمين مرأة جمال الحق وجلاله ويكون شاهد الحق فى العالم من نظر اليه عشق بالحق اذ الحق يظهر منه من حيث التجلى لا من حيث الحلول تعالى الله عن ان يحل فى شئ من الحدثان ثم بين الحق تفصيل مواهبه التى وهبها لحبيبه صلى الله عليه وسلم من خصائص النبوة والرسالة وشرائف المعارف والكواشف التى خفيت عنه فى اوايل حاله اذ كان فى غواشى صورة الانسانية عن احكام الاولية وما سبق له من حسن العناية والكفاية بقوله { مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱلْكِتَابُ وَلاَ ٱلإِيمَانُ } اى ما كنت واقفا على اسرار الخطاب وحقيقة المعرفة فى زمان غيبتك اذ زينتك بالطافى فى حجب الغيب ثم تجليت لك نور القرأن الذى ظهر منه نور العرفان فصار العرفان ايمانك والقرأن عرفانك فإيمانك العرفان وعرفانك القرأن فصار الايمان والعرفان والقران من حيث عين الجمع احدا اذ جميعها صدر من صفة القدم وبالتجلى والتدلى والظهور والصفة صدرت من الذات من حيث المعاينة والكشف للارواح الجلالية الجمالية القدسية لذلك يعود الكناية الى الواحد من الاثنين اذ هذان الاثنان واحد فى الحقيقة قال تعالى { وَلَـٰكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا } اى هذه المعانى التى كشفتها لك نور وهداية تهدى به الى معرفتنا وشرفك عندنا من عبادنا من العارفين والموحدين والمحبين الذين كانوا فى سوابق الغيب منك صدورا وعلى رؤية جمالنا وجلالنا وانت سيدهم وامامهم تعرفهم سبل وصولنا وذلك قوله { وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } ثم اضاف ذلك السّبيل بنعت الخصوصية الى نفسه وقال { صِرَاطِ ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } اى صراطك المستقيم هو طريق الله الذى مهد للعارفين والمشتاقين ليسكنوا فيه اليه بنوره وهدايته ثم وصف نفسه بانه مالك الاعيان من العرش الى الثرى حتى طابت ارواح الصديقين بوحدانيته اذ لا منصرف الا هو ولا مصرف من جميع الوجوه الا ساحة كبريائه وعظمته وذلك قوله { أَلاَ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلأُمُورُ } تعود اليه امور الخلائق من الحكم والقضاء والقدرة والمشيئة والفعل والقدرة كما بدأ منه قال الواسطى اظهر الارواح من بين جماله وجلاله مكسوة بهاتين الكسوتين لولا انه سترها لسجد لها كل ما اظهر من الكونين فمن راه برداء الجمال فلا شئ اجمل من كونه فى ستر يظهر من كل درك وحذاقة وفطنة ومن رداه برداء الجلال وقعت الهيبة على شاهده وهابه كل من لقيه ونصحه الارواح علامات ثلاث صحة الثقة والتحقيق بالاخلاق والتخطى فى طريق الاداب وقال ابن عطا الكتاب ما كتبت على خلقى من السعادة والشقاوة والايمان ما قسمت للخلق من القربة قال القاسم فى قوله الا الى الله تصير الامور لانه مبتدأ كل شئ واليه منتهى كل شئ فمن كان منه وله فهو الساعة به قال سهل فى قوله وانك لتهدى الى صراطٍ مستقيم تدعوا الى ربك بنور هداية ربّك وقال بعضهم دعونا اقواما فى الازل فاجابوا فانت تهديهم الينا وتدلهم علينا .