Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 142-144)
Tafsir: Mafātīḥ al-ġayb
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى { وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً } اى من سنة الله سبحانه اذا اراد ان يشرف عبداً من عباده بمقام لم يكن له ذلك وقربه منه وناجاه واظهر عليه عجائب ملكه وملكوته يصفيه عن كل كدورة ويخلصه عن كل همة ويروضه بانواع مجاهدة ويخلى بطنه عن الطعام والشراب الا ما يقوى به صلبه ليحرق بنيران الجوع غواشى قلبه وتقدس من قلبه مكان نظره ويغسل بمياه المجاهدة جوارحه ويزويه فى الخطوات ويشوقه بلطائف المناجاة الى المشاهدة وله اوقات وساعات لفتح اذان قلوب اوليائه وابصار ارواح اصفيائه ليسمعها كلامه ويبصرها جماله وجلاله وتلك اوقات تضوع نسائم عطر مشاهدته لاهل خلواته ومناجاته لا يستنشق تلك الروائح الا المتعرضون لها فى المراقبات والرعايات واخبر من تلك الاسرار سيد اهل الانوار صلى الله عليه وسلم بقوله " ان لربك فى ايام دهركم نفحات الا فتعرضوا النفحات الله " ومن تلك الاربعين صارت الاربعين سنة لاولياء الله فى بداية امرهم فى الخلوة والرياضة بخلوص نياتهم مع الله سبحانه لوجدان حكمته الازلية وانبائه العجيبة ومكاشفته البدعية لانها عرائس الله لاتنكشف الا المتفرد عن غير الله واخبر بشرائف ذلك النبى صلى الله عليه و سلم بقوله من اخلص لله رب اربعين صباحا ظهرت ينابيع الحكمة من قبله على لسانه ما طاب زمان الوصال ومواعيد كشف الجمال لما طاب وقت كليم الله فى مناجاته حبيبه بعد تمام ثلاثين ليلة لم يستوف وطره من لذيذ خطابه ولطف جماله فعلل بالسوال ليستزيد المقام فى شهود العين فعلم تعالى حرق شوقه ولهيب حزنه وزيادة عشقه ومحبته فزاد على اوقات الوصال بقوله واتممناها بعشر وقال فتم ميقات ربه اربعين ليلة ومراده بالاربعين تواتر الحالات والاستقامة فى الورادات ليحتمل بعد ذلك بها وقات بديهات الكشوف وبروز انوار القدم ذكر الليالى لخلو الاسرار عن الاغيار وصفاء المواصلة عن غبار المخالفة فيالها من سماع ما اطيبه ومن خطاب ما الذه ومن جمال ما اشهاه ومن قرب ما لطفه @ فكانت بالعراق لنا ليالٍ سلبنا هى من ريب الزمان جعلناهن تاريخ الليالى وعنوان المسرة والامان @@ وعده وجعل الايام الخطاب ميقاتاً لمزيد شوقه وزيادة خوفه وهيجانه قيل لابى بكر بن طاهر ما بال موسى لم يجع حين اراد ان يكلم ربه وجاع فى نصف يوم حين اراد ان يلقى الخضر فقال أنا غداءنا الآية فقال لانه فى الاول انساه هيبة الموقف الذى ينتظره الطعام والشراب والثانى كان سفر التايدب فزاد البلاء على البلاء حتى جاع فى اقل من نصف يوم والاول كان اوقات الكرامة ولما اراد المسير الى الله والذهاب الى مواعد قربه ومناجاته جعل اتيته هارون خليفته فى قومه غيره على وقته وعلى محبوبه لئلا يكون معه غيره فى سماع اسرار الازل والابد بقوله { وَقَالَ مُوسَىٰ لأَخِيهِ هَارُونَ ٱخْلُفْنِي فِي قَوْمِي } استخلف هارون بالشريعة وانفرد عنه مقام الحقيقة لان الحقيقة لا تقبل الغير فى البين ولا يكون العشق بالشركة لان العشق يغير عن العاشق دون معشوقه وكان هارون علم غيره اخيه فاستقبل الخلافة ولم يعارضه ان كان ميل قلبه بصاحبته فى الحضرة ولكن تحمل من حلمه اثقال الفراق لصحة المواخاة وصدق الارادة قال الاستاذ لما كان المرور الى فرعون استصحب موسى هارون فقال الله سبحانه اشركه فى امرى ولما كان المرور الى سماع الخطاب افرده عن نفسه فقال اخلفنى فى قومى وهذا غاية الحلم من هارون ونهاية الرضا وهذه من شديدات بلاء الاحباب وفى قريب منه أنشدوا @ قال لي مراحب لي والبين قد يبدو ودمعي موافق لشهيقى ما ترى فى الطريق تصنع بعدي قلت ابكى عليك طول الطريق @@ وفى الآية دليل ان للاولياء خلفاء ونجباء ونقباء يستنون بسنتهم ويقتدون باسوتهم ويبلغون الى درجاتهم بصدق ارادتهم قال محمد بن حامد لم يزل الانبياء والاولياء خلفاء يخلفهم فيمن بعدهم من امتهم واصحابهم ويكون هداهم على هداهم يحفظون على امتهم ما يضيعونه من سنتهم وان ابا بكر كان هو القائم بهذا المقام بعد النبى صلى الله عليه وسلم ولو لم يقم هؤلاء يثبت سنين منها محاربة اهل الردة وغير ذلك ولما خرج من اوطان البشرية وترك علة الرفقة واستقام فى الشوق الى المشاهدة وهرب الى الخالق من الخليقة اخبر الله سبحانه عن ذهاب كليمه اليه والى ميقات قربه وصاله بوعده بقوله { وَلَمَّا جَآءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا } كيف له ميقات وليس عنده مساء ولا صباح ازله ابده وابده ازلة اراد انفراده عن كل مراده وبلوغه الى كمال تربيته ليقوى ان يقف على مسيل فلزم القدم وعلى مصب طوفان الازل وعلى مهب صرصر العظمة ولو انه تعالى كساه انوار قربه لذاب فى ميقات ربه وقت وقتاً له ميعيناً لنيل مراده وذلك علة لبقاء البشرية والا لكل نفسه له فيه وقت وكشف وخطاب جاء لميقاتنا واحتجب عنا بالميقات ولو جاء لنا صرفا ما احتجب عنا اسرى حبيبه الى الملكوت بالبديهة الا بالميقات وسرى به اليه ولم يبق فى همته ذكر الزمان والمكان من استغراقه فى بحر هموم طلبه رؤية القدم بلا سوال ولا حركة ولا اشارة ولا عبارة ولا جرم لم يبق بينه وبين الله وقت ولا زمان ولا مكان واراه بعين وهيها له منه واسمع كلامه يسمع اعطاه اياه منه خص فى الازل كليمه بسماع كلامه قال تعالى { وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ } لما لم يجد فى مسامع اسراره مساع حديث النفس والوسواس البس سمعة لباسا من سمعه فاسمع كلامه بسمعه ولولا ذلك كيف يسمع كلام القديم بسمع المحدث وفى قوله تعالى وكلمه ربه اشارة الى تفضله لموسى لما جاء بنعت الشوق والهيمان والعشق والهيجان بخطرات الوالهين الى موعد رب العالمين وصار موسى فاينا عن موسى ولم يبق فى موسى ارادة موسى بنعت التحير فى موقف الفناء على جناب القدم والبقاء ولم يعلم من تحيره اين هو وايش يطلب وابن يفر حيث لا حيث علم سبحانه انه فى ذهاب الذهاب فكلمه بالبديهة فطار سر موسى فى هواء الهوية وطار روح موسى فى سماء الديمومية وطار عقل موسى فى فقار الاحذية وطار قلبه فى انوار الوحداينة وكان كلاشى الاول كلام التعظيم والهيبة والاخرة كلام اللطف والبسط ففنى فى الاول وبقى فى الثانى ولولا لطفه وكرمه بكليمه كان يتلاشى فى اول خطاب ولكن من عطفه ورحمته اسمع عجائب كلامه كليمه ليعرفه بكلامه لان كلامه مفاتيح لكنوز الصفات والذات ولولا اصطفائيته الازلية لموسى واختياره بالتكليم معه وانه لم يخل فى طول عمره عن كلامه ووحيه والهامة فى كل نفس لم يبق فى الميقات عند بديهة خطابه اثره وبصفة لذة كلامه وحلاوة خطابه يا ليتنى لو ان لى لسانا أزلياً من السنة القدم لاصف به تلك الحلاوة لكن لا يفهم من لم يذق طعمه ولما طلب وقته من لذيذ خطابه سكر من شراب بحر وصاله هاج شوقه الى طلب مزيد القربة وكشف المشاهدة فاطلق لسان البسط وخطا خطوات الانبساط وهتك ستر الحياء عن وجه المحبة وغاص فى بحر الجرأة حتى كان حاله ما اخبر الله سبحانه عنه بقوله { رَبِّ أَرِنِيۤ أَنظُرْ إِلَيْكَ } غلب عليه مواجيد الوصالية فخرج من مشيمة الامر واسقط فى مقام العشق والسكر رسوم الادب فسكره استنطقه بطلب دنو الدنو وشهوده عين لان نسيم برد المشاهدة يحويه بلطائف الوصلة فلم يبق له قرار لوم يجد من سكان السكر مفراً وكيف يكون للعاشق عن طلب مشاهدة المعشوق فى فنائه حيث دنا الشائق من المشوق وانشد فى معناه @ وابرح ما يكون الشوق يوما إذا دنتِ الخيام من الخيام @@ والله لولا موسى راى جمال الحق فى كشوفات الغيبة بفنون الوان قمص الصفاتية وبروز سبحات الذاتية ولولا ان راه فى مقام الالتباس فى رؤية كل ذرة من العرش الى الثرى من مراة الوجود لم يجد الى طلب مشاهدة الصرف سبيلاً لذلك وجبت الرؤية ولولا ان الرؤية حق الابصار نظر المعرفة ما سال كليم الله ما خفى عن الخليقة فلولا رجاء الوصل ما عشت ساعة ولولا مكان الطيف لم اتهجع لم يذق الله طعم وصاله من له منية غير لقائه @ منائى من الدينا لقاؤك مرة فان نلتها استوفيت كل منائيا سلبت فوادى كى تكون مكانه فكونى او فاردد على فواديا @@ قال جعفر الصادق اسمع الحق عبده موسى كلامه بلسان الرحمة والعطف اولا لانه مردود بنفسه الى الله ثم اسمعه بلسان جوده وكرمه ثانيا وهو ايضا مردود الى نفسه قال ابو سعيد الخراز من غيرة الله تعالى انه لم يكلم موسى الاجوف الليل وغيبه عن كل ذى حس حتى لم يحضر كلامه معه احد سواه وكذلك محادثته مع الانبياء وقال القرشى انما كلم الله موسى باياه ولو كلم على حد العظمة لذاب وصار لا شىء قال جعفر سمع كلامه خارجا عن بشريته واضاف الكلام اليه وكلمه من نفسية موسى وعبوديته فغاب موسى عن نفسه وفنى عن صفاته وكلمه ربه من حقائق معانيه فسمع موسى صفة مسوى من ربه ومحمد سمع من ربه صفة ربه فكان احمد المحمودين عند ربه ومن هذا كان مقام محمد المنتهى ومقام موسى الطور ومذ كلم الله موسى على الطور افنى صفتها فلم يظهر فيها الثبات ولا تمكين لاحد عليها قال الحسين فى هذه الآية قال ازل عنه التوقيف والترتيب وجاء الى الله لله على ما دعاه اليه واراده له واجده عليه واوجده منه واظهره عليه ببذل الجهد والطاقات وركوب الصعب والمشقات فلما لم يبق عليه باقية بها يمتنع اقيم مقام المواجهة والمخاطبة واطلق مصطغة لسان المراجعة والمطالبة اما سمعت قوله قبل هذا الحال طالبا منه لما طولع بحال الربوبية وكوشف بمقام الالوهية سائلا حل عقده من لسان ليكون اذا كان ذلك مالكا لنطقه وبيانه وقيل لما سال ملكيه شرح صدره ثم نظر الى اليق الاحوال به فاذا هو بتيسر امره فسال ذلك على التمام ليترقى به حاله الى رفع المقام وهى المجىء الى الله بالله لما علم ان من وصل اليه لم يعرض عليه عارضة حينئذ صلح المجىء الى الله وحده بلا شريك ولا نظير وكان ممن وفى المواقيت حقها غابت عنه الاحوال فلم يرها ودهبت عن غيبة وظهوره وما عداها الا ما كان للحق منه ومعه حتى تحقق بقوله قد اوتيت سؤلك يا موسى ولقد مننا عليك مرة اخرى فهذا حال المجىء وهذا معنى قوله ولما جاء موسى لميقاتنا وقوله وكلمه ربه ان انفرد بكلامه لانه كان قبل ذلك مكاما بالسر والسفراء والوسائط فلما اتى الله تعالى به الى المقام الاجل وحققه بالحال الاعظم الا رفع خاطبه مكلماً على الكشف وغيبته عن كل عين رائية ومرئية وكل صورة مكونة ومنشاه الا ما كان من المكلم والمكلم وافرد الله عنده بالشرف الاعظم فسمع خطابا بالا كالمخطبات فاهتاج منه وله عند ذلك طلبا لا كالمطالبات واقتضى من الله لم يكن قيل يقتضيه فلذلك لك سال النظر اليه اذا رجع الى حقيقة فراى الله فى كل منظور له ومنصور قلما تحققت له هذه الاحوال قال رب ارنى انظر اليك فان فى كل مرئى راجع اليك اى ارنى ما شئت فلست ارى غيرك مقابلى اذ تحققت بما حققتنى به انك غير مزائلى الم يدلك على ذلك خطابه ورجعته اليه اذ ذاك جوابه ارنى فاليك انظر واحضر انى ماشئت فلست غيرك احضر بعد ان تحققت منك بحال يوجبنى منك ذاك وحق لمن تحقق بهذا او تمكن فيه ان ينفرد بسؤال لا يشارك فيه بالحقيقة ويقال صار موسى عند سماع الخطاب بعين السكر فنطق بما نطق والسكران لا يوخذ بقوله الا ترى انه ليس فى نص الكتاب معه عتاب بحرف ويقال اخذته عزة السماع فخرج لسانه عن طاعته جرياً على مقتضى ما صحبه من الاريحية وبسط الوصلة ويقال في القصص أنه كان يحتمل في الوعد كلمات الخلق ويقول لمعارفه لكم كلاما معه ولكم حاجة الى الله فانى اريد ان امضى الى مناجاته ثم انه لما جاء وسمع الخطاب لم يذكر ما دبره فى نفسه وتحمله من قومه وجمعه فى قلبه سينا ولا حرفا بل نطق بما صار فى الوقت غالب قلبه فقال ارنى انظر اليك وفى معناه انشدوا @ فباليل كم من حاجة لى مهمة اذا جئتكم لم ادر يا ليل ماهيا @@ ويقال اشد الخلق شوقا الى الحبيب أقربهم من الحبيب هذا موسى كل غريق الوصلة واقفاً في محل المناجاة محدقابه سجرف التولى غالبا له بذهاب الوجود فى عين ذلك كان يقول ارنى انظر اليك كانه غائب عن الحقيقة لا ولكن ما ازداد القوم شرباً الا ازدادوا عطشاً ولا ازدادوا قربا الا ازدادوا شوقاً لانه لا سبيل الى الوصال بالكمال الحق سبحانه لقبول اسرار اصفياه عن مداخل الملال ويقال فمال موسى بلسان الافتقار رب ارنى انظر اليك فلا اقل من نظرة والعبد قتيل هذه القصة هو بل بالرد وقيل لن ترانى فكذا قهر الاحباب ولذلك قال قائلهم @ جور الهوى احسن من عدله وبخله اظرف من بذله @@ ويقال لما سمعت همته اذا اسنى الطلبات وهى الرؤية قوبل بان فلما رجع الخلق قال للخضر هل اتبعك على ان تعلمن مما علمت رشدا قال الخضر له لن تستطيع معى صبر قابله فصار الرد موقوفاً على موسى منا لحق وم الخلق ليكون بلا موسى صافياً عذوباً عن كل نصيب موسى من موسى وفى قريب منه انشدوا @ اننى أبينا نحن اهل منازل ابدا غراب البين فينا ينعق @@ ويقال طلب موسى الرؤية وهو بوصف التفرق فقال ارنى انظر اليك فاجيب بلن عين الجمع اتم من عين التفرقة فدع موسى حتى يخر صعقاً والجبل يصير دكاً ثم الروح بعد وقوع الصعقة على القالب بكاشف بما هو حقائق الاحدية وكون الحق لموسى بعد امحاء معالم موسى خير لموسى من بقاء موسى لموسى وان على التحقيق شهود الحق بالحق اثم من بقاء الخلق بالخلق لذا قال قائلهم لوجهها من وجهها قمر ولعينها من عينها كحل ولى ههنا لطيفة فى قوله ارنى انظر اليك اضاف رويته الى الله لا الى نفسه حيث قال ارنى اذا تربنى جمالك اطيق ان انظر اليك والا فلا فانه كان لى عالما بعين حديثه لا نحصل رؤية القدم فال منه تعالى عينا من عيونه يراه بها وبها يرى عين العين وكنه الكنة وقدم القدم وسر الذات وحقيقة الحقيقة لا انه لم يره لان جميع ذرات موسى يرى الله فلما غلب سكره وزاد شوقه سقط عنه رسوم العلم وبقى معه صرف العشق فتحرك لسان البسط بطلب الاطلاع على الحقيقة فاجابه الحق سبحانه فقال لن ترانى لن تدركنى كما انا فان معك فى البين واسطة الحدث وان كان معك منى عيون الازلية وابصار الابدية فاحاله الى واسطة بقوله انظر الى الى الجبل وايضا ليس قوله لن ترانى نفى الرؤية عن موسى وغيره من المؤمنين لان قوله لن ترانى اى لن ترانى باياك ولكن ترانى باياى وصدق الله بهذا الخطاب وكيف يراه بين محجوبه بعوارض البشرية راه به بالغير فاذا راه به ارى الحق الحق لموسى ورؤية الله مشاهدته وجلاله لموسى اعظم من رؤية موسى لموسى وايضاً لن ترانى من حيث انت اذا انت لن ترانى بوصف اقدم والبقاء وسطوات العظمة والكبرياء ما دام انت انت انظر الى مثلك فى الحدوثية وهو الجبل انظر الى الجبل فان فيك علة الحدث ولا ترينى الا بواسطة الحدث فجعل الجبل مراة من فعله فتلجى من صفته لفعله الخاص ثم للجبل فرانى موسى جمال القدم فى مراة الجبل فخر لانه وصل الى مقصوده على قدر حاله ولو تجلى لموسى صرفا لصار موسى هباء ولو تجلى للجبل صرفا لاحتراق الجبل الى الارض السبعة لانه تعالى تجلى للجبل من عين العظمة وسبحات الازلية ولذلك قال عليه الصلاة والسلام " حجابه بنور لو كشفه لاحرقت سبحات وجهه ما انتهى اليه بصره من خلقه " وقال عليه الصلاة والسلام " اذا تجلى الحق بشىء خضع له " قال تعالى جعله دكاً وخر موسى صعقاً قال وهب امر الله ان يحمل عرشة ملائكة السماء السابقة قال اروه فلما بدا نور العرش انفرح الجبل من عظمة الرب ورفعت ملائكة السمٰوات اصواتهم جميعا فارتج الجبل واندك وكل شجرة كانت فيه وحر العبد الضعيف موسى صعقا على وجهه ليس معه روحه فقلب الله الحجر الذى كان عليه موسى وجعله كهيئة القبة لئى يحترق موسى ولذلك قال له سبحانه فى تعريفه عظمته وجلاله وغلبة قهر سلطان كبريائه على كل شئ قال { فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي } اى انا اتجلى من نور عظمتى للجبل لك ولا تستقر الجبل لتجلاى مع عظيم اجزائه وصلابة وجوده فكيف تحمل صورتك الضعيفة اثقال عزتى لو تريد ان ترانى انظر الى بعين روحك وقلبك فانى اتجلى لهما بحسن جمالى ولطف جلالى وقلبك تسع ذلك التجلى لانه خلق من نور ملكوتى ورقمته بنور جبروتى وفى ذلك نطق على لسان نبيه عليه السلام حيث حكى عنه تعالى بقوله لم بقوله " لم يسعنى السمٰوات والارض ويسعنى قلب عبدى المؤمن " وايضا طلب موسى رؤية الحق بعين الظاهر وهناك عينه محجوبة عن فواده فاحتجبت عن رؤية وكان فواد محمد صلى الله عليه وسلم فى عينه حين شاهد جمال الحق سبحانه فراه بالفواد وبالعين قالع تعالى فى وصفه ما كذب الوفاد ما راى قيل ما كذب فؤاده ما رأت عينه تصديق ذلك قوله عليه السلام فى مراتب معراجه رأيت ربي بعيني وبقلبي ومن دخل فواده الملكوتى فى عينه وقت تجلى الجلال وكشف الجمال يراه كفاحا بلا حجاب فان لله عبادا كسا نور جماله افئدتهم وكحل ابصار اسرارهم بكحل الملكوت والجبروت فتدخل القلوب بنور الغيوب فى عيونهم فلا يرون شيئا من العرش الى الثرى الا ويرون جلال الله تعالى فيها كما قال بعض العاشقين ما نظرت الى شىء الا ورايت الله فيه كان موسى غائبا فى بحر صفات الحق ومستغرقا فيها ولم يعلم ابن هو ظن انه غائب من دوام شهوده مشاهدته عنه فسال الروية فقيل له لن ترانى كانه استفهم اين انت حيث انا انت وانت انا وانشد فى معناه بعض الشعراء @ كثر العيان على حتى انه صار اليقين من توهما @@ فلما رأه غائباً اراد ان عرف مكانه فاحال الى الواسطة ليعرف قدر الوصل فى البين وتعرف مكانه من المشاهدة { فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ } عرف الجبل ان التجلى له عارية بينه وبين التجلى حجاب امتناع الاحدية عن مباشرة الخليقة اندك من حسرة فوت التجلى فلما راى موسى تجلى الحق بالواسطة عرف انه سقط من مقام الاتحاد وغيبوبته فى الصفات وارتهن بعلمه سواله بالواسطة فخر صعقاً من حسرة فوت المقام انشد الحسين فى هذا المعنى @ مالى جفيت وكنت لا اجفى ودلايل الهجران لا تخفى واراك تسقينى فتمزج لى ولقد عهدتك شاربى صرفا @@ هذا معنى قوله تعالى { جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسَىٰ صَعِقاً } فادركه لطف البارى سبحانه واحياه بروح المشاهدة { فَلَمَّآ أَفَاقَ } علم انه مقصر من معرفة المقام وما كان فيه فاعتذروا { قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُؤْمِنِينَ } وايضا كان فى بحر الصفات على محل شهود نعوت الازلية فتقاضى سره ادراك حقائق الذات بعد فنائه فى الصفات فاسقط عن مقامه غير ذات الازلى حتى صيرته بنعت البشرية وردته الى مقام االبداية فعلم فى الصحو ما اخطا فى السكر من طلب الاطلاع على كنه القدم فقال سبحانك من ادراك الحدث قدمك وجلال ازليتك تبت اليك مما طلبت فانا اول المقربين بان لا ثبت اقدام الحدثان على صفوان الازل ولا تستقر حثالة الخليقة عند هبوب عواصف القدمية عنها لما رجع صار فى مقام لا احصى ثناء عليك عليه السيد عليه السلام هذا المقام فى اول شهوده عين الكل فقال " لا احصى ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك " قبل علة الفناء والامتحان وعلم موسى هذا المقام بعد الامتحان والفناء ولم علم فى الاول ادرك ما ادرك النبى صلى الله عليه وسلم تاب موسى مرة من هذا المقام وتاب الحبيب عليه السلام من هذا المقام فى كل يوم سبعين مرة قال " انه ليغان على قلبى وانى لا ستغفر الله فى كل يوم سبعين مرة " كان عينه نكرة القدم فتاب من تقصير عن معرفة حقائقه فرعاه الحق برعاية الكرم وعفاه عن ادراكه كنه القدم بقوله غفر الله ما تقدم من ذنبك وما تاخر اى من تقصير ادراكك كنة القدم وما تقصر ادراك كنة ابد الابد وأيضاً تاب كليم الله من تلويته في مقام العشق والشوق الى جمال القدم حيث احاله بعد سواله كشف جماله الى رؤية الوسائط بقوله انظر الى الجبل اى تبت من دعوى عشقك والشوق الى جمالك بالحقيقة فلو كنت متحققا فى جبل لم التفت الى غيرك سواله فى مقام السكر لذلك نطق بلسان السكارى فقال رب ارنى انظر اليك فلما سمع لن ترانى صار صاحبا لم ينطق بلسان البسط بعد ذلك فصرفه بالنظر الى الجبل فتابع امر قوله انظر فامتثل الامر وما كان فى محل السكر ما نظر الى الغير ولم يكن ماخوذ بجراته وانبساطه فلما رجع من السكر الى الصحو ورجع من الحقيقة الى الشريعة احتمل الجنايت واعترف بتقصيره بنظره الى غيره قال تبت اليك وايضاً اى سبحانك من ان يكون لك فى مواهبك له علة الاكتساب تبت اليك من قولى انظر اليك بعد قولى ارنى ولو اكتفيت بارنى ما احتجت الى التوبة ولكن لما ذكرت فعل عينى بقولى انظر تبت اليك فاين الحدث من استجلاب القدم اليه وادق الاشارة اى تبت اليك من اشارتى الى نفسى فى سوالى بقولى ارنى ومن انا حتى انظر اليك الان تبت لا راك بك لابى عبد ان فنيت فيك @ فترى عينك جمالك لى لابى بينى وبينك انى ينازعنى @@ فارفع بانك اننى من البين ولذلك غار عليه ملائكة الملكوت حين صعق روى فى بعض الكتب ان ملائكة السمٰوات واتو موسى وهو مغشى عليه فجعلوا يركلونه بارجلهم ويقولون يا ابن النساء الحيض اطمعت فى رؤية رب العزة كان الملائكة معذورين فانه ممنوعون من قوام القرب مقرعة حوف العظمة ولم يعلموا ان هذه القصة وقعت على العاشقين الذين اصطفاهم الله فى الازل بمحبته وعشقهم فى ازلة بعشقه وشوقه عشقهم به وشوقهم الى جماله وبانبساطه معهم جعلهم منبسطين اليه حتى سالوا ما لم يطمع فيه الكروييون والروحانيون ولم يعلموا ان موسى راى مناه كما اراد في زمان الصحو عند سؤاله وجوابه ووجده فى غيبته وسكره وحال صعقته لما غاب وسكر استغراق فى بحار الازل والاباد وانكشف له سر الاسرار فالملائكة عدوا من وراء حجاب الفعل فى مقام الشريعة وكان موسى فى حجر الوصلة غائبا عن الخيلقة ولو شاهدت الملائكة ذرة من حاله لصعقوا واحترقوا جميعا والحمد لله الذى خص بديع فطرته وذريته بهذه المثابة دون غيرهم وايضا الى نكته عجيبة لما وجد حلاوة خطاب الازل واستحلاه طمع الرؤية لزيادة حلاوته ووجدان لذته فلصعقه غيره الازل من سكوته عنه به وعما وجد من برد نسيم وصلته فلما افاق بعد انقطاعه من حلاوته واحتراقه بينران غيرة توحيده ووحدانيته قال سبحانك من ان يطلبك احد بحظه ولحظه وتبت اليك ان لا اسالك الا لك فرداً بفرد فان حلاوة المشاهدة حجاب المشاهدة الا ترى الى قول بعض الموحدين فى وصف موحدة حيث وصفته فقال سبحانه من حسنة حجاب حسنة قال بعضهم فى قوله لن ترانى ولكن انظر الى الجبل فهو اشد منك جسدا واعظم منك خلقا واهيب منك منظر فان ثبت لرؤيتى تثبت ولا يحملنى ولا يصبر على مشاهدتى شىء الا قلوب العارفين التى زينتها بمعرفتى وايدتها بانواع كراماتى وقدستها بنطرى ونورتها بنورى فان حملنى شىء وصيره لشاهدتى فتلك القلوب دون غيرها لذلك قال المصطفى صلى الله عليه وسلم حجابه النور لو كشفه لاحرقت سبحات وجه كل شىء ادركه بصره ثم اذا حملنى فتلك القلوب وصبرت لمشاهدتى وانا حاملى لا غير ادبى حملنى وباياى صبر لمشاهدتى فلا مشاهد للحق سواه جل ربنا وتعالى وقال ابن عطا شغله بالجبل ثم تجلى ولو لم يشغله بالجبل لمات وقت التجلى وقال الحسين فى قوله لن ترانى لو ترك على لك ليقطع شوقا ولكن سكنه بقوله ولكن وقال ابن عطا انبسط الى ربه فى معانى الرؤية لما ظهر عليه عن الكلام ولم ينطق باياه الا تراه انه لما رجع الى وصفه رجع الى اوائل المقامات فقال تبت اليك قال النصر ابادى ما قطع موسى عن الرؤية الى نظره الى الجبل ولو تحقق بسوال الرؤية لما كان يرجع منه الى شىء سواه قال الواسطى لن الى وقت ولا على الابد قال جعفر شغله بالجبل ثم تجلى ولولا ما كان من اشتغاله بالجبل لمات موسى صعقا وقال الواسطى فى قوله جعله دكا صار الجبل كان لم يكن قط ولا عجب لهيبة ما ورد عليه قال ابو سعيد القرشى الجمال والكرم يبقيان والهيبة والاجلال يفئيان كما ان الله كلم موسى بصفة الهيبة وتجلى للجبل فصار الجبل دكاً وخر موسى صعقا وكان اخر عهده بالنساء ولم يتهيا لاحد ان ينظر فى وجهه قال الواسطى وصل الى الخلق من صفاته ونعوته على مقاديرهم لا بكلية الصفات كما ان التجلى لم يكن بكلية الذات وقال ايضا قالوا الى نقيت التجلى والله يقول فلما تجلى ربه للجبل وقال النبى صلى الله عليه وسلم " ان الله اذا تجلى لشىء خشع له " قلت ذلك على التعارف ومقادير الطاقات اليسن بمستحيل ان يقال تجلى الهواء لذرة واحدة ولو احتجب لساواها ولو تجلى القاء ربها وهو اجل من ان يخفى ويستروا عز من ان يرى ويتجلى الى وقت الميعاد تنزيه عن ان يقع عليه الا لحاظ بمعانيها او تقع تحت الألنسة باماليها قال وقرىء بين يدى الجنيد فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً فصاح وقال بالجهل صار دكما بالتجلى اذ لو وقع عليه اثار التجلى افناه بكيف التجلى وقال شيخنا وسيدنا محمد بن خفيف قدس الله روحه فى قوله سبحانه تبت اليك وانا اول المؤمنين لما قال فان استقر مكانه فسوف ترانى قال تبت اليك من ان لا اصدقك بكل ما ورد منك طالبك بالعلامات وذلك لما اقل ارنى انظر اليك قال لمن تراني لم يكفه حتى نظر الى الجبل فلما لم يقل موسى كفانى قولك لن ترانى حتى نظر الى الجبل فالتوبة من هذا وقال بعضهم سبحانك تبت اليك ان اسالك خطابى اذ لا يحيط بك احد ولا يشهد غيرك وقال الواسطى لم يزل المقصود ممتنعا من الاستغراق الا ترى الى قول موسى سبحانك تبت اليك قيل معناه لن ترانى بالسوال والدعاء وانما ترانى بالنوال والعطاء لانه لو اعطاه إياه لسؤاله لكانت الرؤية مكافة السؤال ويجوز ان يكون فعله مكافاة فعل عبده ولا يجوز ان يكون ينافي مكافاة فعل عبدة قال بعضهم برق برقة من النور فصاحت الجبال وانقطعت وغارت البحار واتحمدت النيران وانكشف الشمس وصعق موسى فكيف كان يطيق موسى ويثبت لما لم يثبت لها الجبال الرواسى وانما كانت برقة روى انس عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قرأ هذه الآية فقال هكذا ووضع الابهام على مفصل الاعلى من الخنصر فصاح الجبل قال ابو سعيد الخراز ان الله لا يتجلى بالكشف فمن يقوم له لذلك تقطع الجبل حين تجلى له وخر موسى صعقا فانما نظر الى اوليائه بالخصوصية من وراء الحجاب اذا اقبل عليهم بالرحمة والمحبة فهناك يصل اليهم العلم الكثير والفوائد قال على عن ابيه عن جعفر قال لما سمع الكليم الكلام واستولى على ذلك المقام سمع كلام الملك العلام قال بلسان الذلال على بساط الوصال تحت ظلال الجلال ارنى انظر اليك فانى بين يديك فاجابه ربه لن ترانى الان فى غير الوقت بل ترانى ببرهانى وشواهدى فانك الان لا تحتمل نور جلالى وسلطانى ولكن انظر الى الجبل لترى عجائب قدرتى فلما تجلى ربه للجبل جعله دكما فصار باربع قطع وتبددت فى اربع مواطن فتقطع قلب موسى باربع قطع قطعة سقطت فى بحر الهيبة وقطعه سقطت فى روضة المحبة وقطعة سقطت فى بساتين روية المنة وقطعة سقطت فى اودية القدرة فلما افاق خرج عن الشدة وصاح اليه بالتعظيم بلسان الحياء تبت ان اسالك سوال المحال فى غير الوقت وقال ابن عطا علم الله تعالى منه عجزه عن اقامة حق ارادته وما طلبه فقال لن ترانى ولكن انظر الى الجبل فلما راى الجبل قد صار دكاً صعق ولو صحت منه تلك ارادة وذنك السوال لما كان نردعه عن ذلك الف صعقة بل كان يقول على مراده وسواله وطلبته سئل الحسين بن منصور لم طبع موسى فى الرؤية وسألها قال لانه انفرد للحق فانفرد الحق به فى جميع معانيه وصار الحق مواجهة فى كل منظور اليه ومقابله دون كل محظور لديه على الكشف الظاهر اليه لا على التغيب فذلك الذى حمله على سوال الرؤية لا غير قال ابو عثمان المغربى لما قال موسى رب ارنى انظر اليك قال الله يا موسى اضرب بعصاك الجبل فضرب عصاه الجبل فظهر سبعون الف بحر فى كل بحر سبعون الف جبل على كل جبل الف موسى عليهم الكساء وبايديهم العصاء يقولون كلهم ارنى انظر اليك فلما راى ذلك خر موسى صعقا افاق قال سبحانك تبت اليك وانا اول المؤمنين ايطمع فى ليلى وتعلم انها تقطع اعناق الرجال المطامع ثم ان الله سبحانه لما ابقى موسى فى درك حيرة رؤية الازل واستغراقه فى بحار الشوق الى وجهه تلطف عليه وتسلى قلبه بتعريف منه الشاملة عليه ليكون شاكراً لانعامه ومتسليا بتدارك قلبه باكرامه فقال { إِنِّي ٱصْطَفَيْتُكَ عَلَى ٱلنَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَآ آتَيْتُكَ وَكُنْ مِّنَ ٱلشَّاكِرِينَ } اى سبقت لك فى الازل اصطفائتك المقدسة عن علة الحدث برسالتك منى الى احبائى وتلك الرسالة شاملة لجميع ما يتوقع فيه الاولين والأخرون من الدنو ودنو الدنو والقرب وقرب القرب والوصال وكشف الجمال لانها محل الاستقامة ووجدان جميع المنية وايضا سبقت لك الاصطفائية بان تسمع منى كلامى بلا واسطة وتعلم منه اسرار ملكى ومكلوتى البستك من فعلى الباس الرسالة ومن انوار كلامى وصفتى لباس الربوبية فصرت موصوفا بصفتى حين اصطفيك فوقعت فى نور فعلى ثم وقعت فى نور صفتى حتى صرت فى معنى الانصاف مشاهداً لذاتى ولا تخلوا شعره من جسدك الا ولها عين من عيونى فتارنى بتك العيون فايش تطلب منى بقولك ارني كن فى الشاكرين فيما اعطيناك من هذه المنازل السنية والمراتب الرفيعة ولا تكن مهتما من قلة ادراك غوامض بطون قدمى وازلى وقال بعضهم الاصطفائية اورثت التكليم والكلام لا التكليم اورث الاصطفائية وقيل فى قوله خذا ما أتيتك من عطائى وكن من الشاكرين لامن المدعين المختارين فما سبق منى اليك اكثر مما اخترته لنفسك وقال بعضهم لما قال اصطنعتك لنفسى اورث الاصطناع والاصطفائية وكنت مصطفا وعلى الخلق لا بسابقة سبقت لك الى بل بسابقة منى اليك وايضا كن من العارفين بمشكورك فان المعرفة بالمشكور هو الشكر لا غير وقال الاستاد فى قوله وكن من الشاكرين اشارة لطيفة قال لا تكن من الشاكين ولا ممن يشكو يعنى ان منعتك عن سوالك ولم اعطك مطلوبك لا يشتكى اذا انصرفت وانشد فى معناه ان اعرضوا فهم الذين تعطفوا كم قد وفوا فاصبر لهم ان خلفوا ثم ان الله ذكر زيادة نعمة عليه بان عرفه مواضع حقائق علومه الغيبية واسراره العجيبة وابنائه الغربية الازلية بقوله { وَكَتَبْنَا لَهُ فِي ٱلأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ } وفى قوله كتبنا له اشارة عجيبة اى كتبنا اسرارنا لانه اهلها عارف بها وغير مقلدة لان اسرار الخطاب اشارات الازلية الى حكم الابدية ولا يعرفها الا من كان مصطفى ومصطنعا لها ولذلك قال اصطنعتك لنفسى واصطفيتك على الناس برسالتى وبكلامى ومعنى قوله كتبنا له فى الالواح من كل شىء اشارة الى الواح الصفات والذات كقوله { كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ } الى خصصناه بما فى علومنا الازلية فى الازل وايضا اى كتبنا فى الواح انوار قلبه من نقوش حروف اسرار الوحدانية ومن كل شىء اشارة الى علوم الذات والصفات والافعال لانه تعالى شىء الاشياء اى علمناه علم ما كان وما سيكون من العرش الى الثرى موعظة بلسانه للعارفين والعاشقين والمشتاقين الذين يتعرفون طرق وصالنا وتفصيلاً لكل شىء اى مبين غوامض بطون الاشياء ومفسر اشارات السرمدية الازلية فلما اقدار كلامه فى قلبه وعينه وعرفهما مكان شكره امرة ان يقبل اليه به الا بنفسه ليعرف به لا بنفسه ويعمل به لا بنفسه بقوله { فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ } اى هذا اثقال الربوبية ومرحاء امر الازلية فخذها بقوة من قواى حين تفر من نفسك ومن غيرى الى بالاستعانة بى واقتباسك قوة ونصرة منى فخذها بتلك القوة الاليهة لا بقوة نفسك فان قوة نفسك حدثية ولا تحمل اثقال الربوبية الا بقوة الالهية فاذا صرت مطيتها وحملت تلك الامانة من قومك ياخذوا باحسنها اى باسهلها عليهم من الاوامر والنواهى لأن حقائقها لا يليق الا بك وبمثلك وايضا ياخذوا بأبينها لهم وهى المحكمات التى يوجب العبودية وياخذون متشابها التى هى وصف الصفات بحسن الاعتقاد والتسليم فيها لان علومها وحقائقها لا تنكشف الا للربانيين قال الله تعالى لا يعلم تاوليه الا الله والراسخون فى العلم قال بعضهم فى قوله كتبنا له فى الالواح من كل شىء سر الله عند عباده ولاهل خصوصيته لا بجمله منهم الا الاقوياء بابدانهم وقلوبهم الا ترى الله يقول لكليمه عليه السلام فخذها بقوة والقوة هو الثقة بالله والاعتماد على الله ولذلك قال بعضهم عطاياه لا يحمل الا مطاياه وقيل فى قوله فخذها بقوة اى خذها بى ولا ياخذها بنفسك فالقوى من لا حول له ولا قوة ويكون حوله وقته بالقوى قال الاستاد وامر قومك ياخذوا باحسنها فرق بين ما امر به موسى من الاخذ وبين ما امر ان يامر به قومه من الاخذ اخذ موسى أخذ من الحق على وجه تحقيق الزلفة وتاكيد الوصلة واخذهم اخذ قبول من حيث التزام الطاعة وشان ما بينهما ثم ان الله سبحانه ذكر ان عرائس خطابه ولطائف كلامه لا تنكشف لمن راى قيمة نفسه فى جنات الازلية وميادين الربوبية بقوله { سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي ٱلأَرْضِ } اى ما منع المدعين المعجبين بشانهم ومزخرفاتهم بمجاراتهم كلام الدعاوى الباطلة { بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ } عن ادراك حقائق خطابى وفهم لطائف معانى كلامهم لانهم مكر واكرمات اوليائى وآيات اصفيائى بوصفه حالهم فى تضاعيف الآيات بقوله { وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا } ثم زاد مباعدتهم من باب التوفيق ووجدان رشد الطريق بقوله { وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً } لو تبين الف طريق من طرق الاولياء الى الله لا يتبعوها لحرمانهم عن مصادقة الحق وان ظهر لهم طريق الدعاوى فى متابعة الشهوات اتبعوه وجعلوه سبيل الحق لان سجيتهم وسجية الضلال والمتكبر لو عرف التكبر الذى هو كبرياء القدم ما تكبر فان جميع تكبر الحدثان من جهلهم بكبرياء الحق وفى كل موضع يبدوا سطوات كبريائه يتلاشى فيها كل شىء ولك تكبر غير تكبر الله تعالى باطل الامن تكبر بكبريائه حين اتصف بكبريائه وذلك من الباس اياه نور عظمته وهيبته وكبريائه فينطق بالحق ويفعل بالحق ويظهر منه بوصف الكبرياء علامته ان يخضع له كل شىء سوى الله وهذا معنى قوله عليه السلام " من خاضع لله خضع له كل شىء " قال بعضهم التكبر تكبران تكبر بحق وتكبر غير حق فالتكبر بالحق تكبر الفقراء على الاغنياء استغناه بالله مما فى ايديهم والتكبر بغير حق تكبر الاغنياء على الفقراء ازدراء لما هم فيه من فقرهم قال الواسطى التكبر بالحق هو التكبر على الاغنياء والفسقة وعلى الكفار واهل البدع لانه روى فى الاثر القوا اهل المعاصى بوجوه مكفهرة وقال سهل فى قوله ساصرف عن آياته الذين يتكبرون اى هو ان يحرمهم فهم القرآن والاقتداء بالرسول عليه السلام قال ابن عطا سامنع قلوبهم واسرارهم وارواحهم عن الجولان فى ملكوت القدس وقال ذو النون ابى الله ان يكرم قلوب البطالين بمكنون حكمته القران .